{وَرِمَاحُكُمْ} جمع رُمْحِ، وكذا غيره من السِّلاح، وهو كبارُ الطَّيرِ التي لا تُؤخذُ إلا بحيلةٍ، ولا تُصابُ إلَّا بسلاح.
وقوله تعالى: {لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ}؛ أي: ليعلمَ اللَّهُ خوفَ الخائف منه بالامتناعِ عن الاصطياد موجودًا، كما كان يَعلمُ قبل وجودِه أنَّه يُوجَد؛ ليُثيبَهُ على عملِه، لا على علمه فيه، وهو أيضًا يَقتضي ضدَّهُ؛ أي: وليظهرَ إقدامُ مَن لا يَخافُه على الاصطيادِ، فيعاقبَهُ على عملِه، لا على علمِهِ فيه.
وقوله تعالى: {بِالْغَيْبِ}؛ أي: بالاستدلال، دونَ العلمِ الضَّروري الواقعِ بالعِيان ونحوِه، كما ذكر ذلك في الإيمانِ بالغيب، إذ لا خطرَ للإيمان ولا للخوفِ حالةَ العِيان.
وقيل: معناه: في حالة الغيبةِ عن النَّاس، وهو الخوفُ الحقيقيُّ دون ما يَظهرُ مِنه عند رؤيةِ النَّاس؛ فإنَّه يكون مُرَاءاةً لا حقيقة لها، كعمل المنافقين.
وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ}؛ أي: اصطادَ بعد هذا الابتلاء؛ وهو النهيُ والبيان.
وقوله تعالى: {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: يُضْرَبُ على ظهرِه وبطنِه وتُنزَعُ ثيابُه (١).
واسمُ العذابِ يَقع على الضَّرب في الدُّنيا، قال تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} النور: ٢، وقال تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} النساء: ٢٥، وقال تعالى: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا} النمل: ٢١.
(١) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤/ ١٢٠٤) (٦٧٩١).