أطلعَ اللَّهُ رسولَهُ عليه، وعصمَهُ، وردَّ كيدهم، وقال اللَّه تعالى: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} المائدة: ٦٤ (١).
* * *
(١٠٠) - {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وقوله تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ} قال السُّدِّيُّ رحمه اللَّه: أي: لا يَستوي المشرك والمؤمن (٢).
ولمَّا أخبرَ أنَّه {يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ}، ذكرَ أنَّه لا يُسوِّي بين خبيثِهم وطيِّبِهم، بل يُميِّزُ بينهما، فيُعاقِبُ الخبيثَ، ويُثيبُ الطَّيِّبَ، وإن قلَّ الطَّيِّبُ، وكَثُر الخبيث، وذلك (٣) قولُه تعالى: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ}، وهو خطابٌ لكلِّ واحدٍ مِن المخاطَبين، ونهيٌ له عن أنْ يُعجَبَ بكثرةِ هؤلاء.
وقال الكلبيُّ وعطاء: أي: لا يَستوي الحرامُ والحلال (٤).
وقوله: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ}؛ يريد أنَّ أهلَ الدُّنيا يُعجِبُهم كثرةُ المال وزينةُ الدنيا، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} القصص: ٦٠.
وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ}؛ أي: العقولِ الخالصة.
وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}؛ أي: على رجاءِ الفوزِ بكلِّ مطلوبٍ، والأمنِ مِن كلِّ مرهوبٍ، والإطماعُ مِن اللَّه تحقيقٌ.
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٣/ ٦٣٠).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ١٢ - ١٣)، وابن أبي حاتم (٤/ ١٢١٦) (٦٨٧٠).
(٣) لفظ: "وذلك" ليس في (أ).
(٤) انظر: "التفسير البسيط" للواحدي (٧/ ٥٤١).