وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: {الْخَبِيثُ}: ما اكتسَبَهُ العبدُ حالةَ الغفلةِ عن الحقِّ، {وَالطَّيِّبُ}: ما اكتسبَهُ على شهودِ الحقِّ.
قال: ويُقال: {الْخَبِيثِ}: ما لَم يُخرَج منه حقُّ اللَّهِ تعالى، {وَالطَّيِّبُ}: ما أُخرِج منه حقُّه.
قال: ويقال: {الْخَبِيثِ}: ما ادَّخرتَهُ لنفسِكَ، {وَالطَّيِّبُ}: ما قدَّمته بأمرِ ربِّك (١).
* * *
(١٠١) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} إنَّما لم يَصرِف (٢) {أَشْيَاءَ}، وإن صرَفْتَ: أحياء، وأكفاء، وأسماء؛ لأنَّ أصلَه أشْيياء، على وزن: أفعلاء.
وقالوا: كان أصلُ الواحدِ: شَيِيْء (٣) على وزن فَعِيل، وجمعه أفعلاء، كالنَّصيب والأنصباء، ثمَّ حُذِفت الهمزةُ تخفيفًا، وبَقيَت غيرَ منصرفةٍ لأجلها، فأمَّا الأحياء ونحوها فهي على وزن (٤): أفعال، وهي منصرفةٌ.
وفي نزول هذه الآية أقاويل، منها ما روى أبو هريرة وأنسُ بنُ مالكٍ رضي اللَّه عنهما أنَّهم (٥) سألوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأكثروا المسألةَ، فقامَ على المنبر فقال: "سلوني، فواللَّه لا تسألونني عن شيءٍ في مقامي هذا إلَّا لأحُدِّثنَكم (٦) "، فأشفقَ أصحابُه أن يكون حدثَ أمر، فبكوا، فقام عبدُ اللَّه بنُ حذافةَ السَّهميُّ، وكان يُطعَنُ في نسبِه،
(١) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ٤٥٠).
(٢) بعدها في (ف): "عن".
(٣) في (ف): "أصلًا لواحد لشيء" بدل من "أصل الواحد شيء".
(٤) قوله: "على وزن" من (ف).
(٥) في النسخ الخطية: "أنهما"، والمثبت هو الصواب.
(٦) في (ف): "حدثتكم".