أي: جَعلنا في أسماعِهم ثِقَلًا، وليس ذلك بإجبارٍ، بل هو عقوبةٌ لهم على اختيارِهم الكفر على إصرارهم، ويدلُّ عليه ما بعدَه، وهو قوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا}؛ أي: كلَّ آيةٍ اقترحوها.
وقيل: الآياتُ المقترحةُ وغيرُها، وهو في قومٍ علمَ اللَّه منهم الاختيارَ للكفر على الأبد؛ أي: يُدخِلون الشُّبهَ فيها، ويَقولون: لعلَّها سحرٌ، ولعلَّها أساطيرُ الأولين.
وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ}؛ أي: يُحاجُّونَك.
وقوله تعالى: {يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} قال ابنُ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: أي: أحاديثُ الأوَّلينَ التي كانوا يَسطرُونَها (١)؛ أي: يكتبونها.
وقال أبو عبيدة: واحدُها إسطار (٢)، وهي التُّرَّهات.
وقال الأخفش: وقيل: واحدها: إسطارةٌ، كالإصبارة (٣)، وقيل: أسطورة (٤)، كالأضحوكة. قال: وهي عندي لا واحدَ لها، وهي كالعباديد والأبابيل (٥).
وقال الزَّجَّاج: هو جمع جمعٍ؛ سطرٌ وأسطارٌ وأساطيرٌ (٦).
وقال الكلبي: استمع إليه أبو سفيان بنُ حرب، والوليدُ بنُ المغيرة، والنَّضرُ بنُ الحارث، وعتبةُ وشيبةُ ابنا ربيعة، وأميةُ وأُبي ابنا خلف، والحارث بن عامر: استمعوا
(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٩/ ١٩٩ - ٢٠٠).
(٢) كذا في النسخ الخطية، وفي "مجاز القرآن" لأبي عبيدة (١/ ١٨٩): واحدتها: أسطورة، وإسطارة لغة.
(٣) كذا في (ر) و (ف)، ورسمها في (أ): "كالإحبارة"، ولعل صوابها: "كالإضبارة".
(٤) في (أ): "الأسطورة".
(٥) انظر: "معاني القرآن" للأخفش (١/ ٢٩٦).
(٦) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٢/ ٢٣٨).