وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ}؛ أي: يُنيمُكم، وهو كقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} الزمر: ٤٢، والتوفِّي في اللُّغةِ: هو قبضُ الشَّيء على تمامه.
وقوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ}؛ أي: كسبتُم، وجوارحُ الصَّيدِ: كواسِبُها، قولُه تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} المائدة: ٤ من ذلك، والاجتراحُ: الاكتساب، قال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} الجاثية: ٢١، والجوارحُ: الأعضاء؛ لأنَّها كواسب.
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: ليس فيه أنَّه لا يَعلمُ ما جَرحْنا باللَّيل، ولا أنَّه لا يتوفَّانا بالنَّهار، فدلَّ أنَّ تخصيصَ الشَّيء في حالٍ بالذِّكرِ لا يَدلُّ على سقوطِ ذلك في حالةٍ أخرى (١).
وقوله تعالى: {ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ}؛ أي: يُوقِظُكم من منامِكم في النَّهار.
وقوله تعالى: {لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى}؛ أي: ليُتِمَّ مدَّة الحياةِ.
وقوله تعالى: {ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ}؛ أي: بالبعثِ بعد الموت.
وقوله تعالى: {ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} وهذا وعدٌ ووعيد.
* * *
(٦١) - {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ}.
وقوله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} قد فسَّرناه في هذه السُّورةِ مرَّة (٢)؛ أي:
(١) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٤/ ١٠٣ - ١٠٤).
(٢) عند تفسير الآية (١٨).