من بين يديَّ، ومن خَلفي، وعن يميني، وعن شمالي، أمَّا مِن بين يدي فيقول لي: لا تَخَفْ إن اللَّه غفور رحيم، فأقول: ذلك لمن تاب وأقرأُ: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} طه: ٨٢، وأمَّا مِن خلفي فيخوِّفني بالضَّيعة على مخلفيَّ، فأقول: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} هود: ٦، وأما مِن قِبَل يميني فيأتيني من قِبَل الثناء فأقول: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} الأعراف: ١٢٨، وأمَّا مِن قِبَل شمالي فيأتيني من قِبَل الشهوات واللذَّات فأقول: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} سبأ: ٥٤ (١).
وقوله تعالى: {وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} قال ذلك ظنًّا ثم تحقَّق ذلك، قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} سبأ: ٢٠.
وقال الحسن: قال: لمَّا استَزْلَلتُ آدم -وذريتُه أضعفُ منه- فأنا على استزلالهم أقدَرُ (٢).
* * *
(١٨) - {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ}.
وقوله تعالى: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا}: أي: من الجنة، وقيل: من السماء، وقيل: من الصورة الملكيَّة (٣).
وقوله تعالى: {مَذْءُومًا} وما قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: أي: مَقيتًا (٤).
وقال أبو روق: أي: ممقوتًا (٥)، وهو كالأول.
(١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٤/ ٢٢٢)، والزمخشري في "الكشاف" (٢/ ٩٣).
(٢) لم أجده.
(٣) في (ر): "صورة الملائكة".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٠/ ١٠٤)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٤٤٦).
(٥) ذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (١٢/ ٣١٧) (ط: دار التفسير)، ورواه الطبري في "تفسيره" =