بما فيه شدائدُ الموت (١) وإن كانوا لا يموتون؛ كما قال تعالى: {وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} إبراهيم: ١٧ (٢).
فعلى هذا تكون الآيتان جميعًا في ذكر حالهم يومَ القيامة، وعلى التأويل الأول تكون الأولى في الدنيا والأخرى في الآخرة.
وقوله تعالى: {كُلَّمَا دَخَلَتْ}: أي: دخلت النار {لَعَنَتْ أُخْتَهَا}؛ أي: الأمَّةَ التي هي مثلُها في الدين ممن سبق إليها، وهي مجاز كما في قوله: {إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا} الزخرف: ٤٨.
وقال مقاتل: يلعن المشركون المشركين، واليهودُ اليهودَ، والنصارى النصارى، ويَلعن الأتباعُ القادة (٣).
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: {لَعَنَتْ أُخْتَهَا}؛ أي: دَعَت على الأمة التي دخلت قبلها النارَ (٤).
وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا}: أصله: تدَاركوا، وتفسيره: تلاحَقوا، ومعناه: اجتمعوا.
وقوله تعالى: {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ}: أي: المتأخِّرون للمتقدمين: {رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا}؛ أي: هم كذَّبوا الأنبياء فاتَّبعناهم في ذلك، فلو صدَّقوهم لصدَّقناهم.
ويقولون أيضًا: إنهم دَعَونا إلى ذلك وأمرونا به، قال تعالى خبرًا عنهم: {إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا} سبأ: ٣٣.
(١) في (ر): "العذاب".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٤/ ٤١٧)
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٢/ ٣٦).
(٤) ذكره الواحدي في "البسيط" (٩/ ١٢١).