عنه مَن شاؤوا ويأذَنون فيه لمن شاؤوا، فأبطل اللَّه تعالى أن تكون لهم تلك الولايةُ وأثبتها للمتقين.
وقيل: أي: وما لهم أنْ لا يعذِّبهم اللَّه في الآخرة، أثبت للمشركين العذابَ بنفي الولاية، وأثبت للمؤمنين الولايةَ بقوله عز وجل: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} البقرة: ٢٥٧ وبقوله: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ} يونس: ٦٢ فأشار بذلك إلى أنه لا يعذبهم، ثم (١) ولئن ثبت تعذيبُ مدةٍ فإنه إذا لم يتأبَّد خفَّ على الجسد (٢)، وفي ذلك ينشد:
إذا سَلِمَ العهدُالذي كان بيننا... فوُدِّي وإن شطَّ المزارُ سليمُ (٣)
* * *
(٣٥) - {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً}: أي: إلا صفيرًا بالأفواه كصفيرِ الأطيار، وقد مَكَا يمكُو مُكَاءً.
{وَتَصْدِيَةً}: أي: تصفيقًا بالأيدي كفعلِ الصبيان، وإظهارًا للصَّدَى؛ أي: للصوت، وقد صدى يصدي تصدية.
وفسرهما كذلك ابن عباس رضي اللَّه عنهما وابن عمر وعطية ومجاهد والضحاك رضي اللَّه عنهم (٤).
وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: كانت قريش يطوفون بالبيت وهم
(١) "ثم" ليس من (أ) و (ف).
(٢) في (أ): "الحد".
(٣) البيت في "لطائف الإشارات" (١/ ٦٢٢).
(٤) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (١١/ ١٦٢ - ١٦٦).