واللَّه يهلكُهم طرًّا بما صنعوا... وجاعلُ المنتهَى منهم إلى النارِ (١)
وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: {لَا تَحْزَنْ} ليس بنهي عن الحزن، بل هو على تخفيف الأمر عليه وتيسيرِ الحالة التي هو عليها (٢).
وهو كقوله تعالى: {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} فصلت: ٣٠.
وكما قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي بكر رضي اللَّه عنه، فقد قال لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} الحجر: ٨٨ ولم يكن حزنه معصيةً بل كان شفقةً، فهذا مثله.
وقال القشيري رحمه اللَّه: كان حزنُه لا لنفسه بل للَّه عز وجل؛ لأنَّه قال له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} وحزنٌ لا يذهب إلا بمعية الحق ما يكون إلا بحق الحق (٣).
* * *
(٤١) - {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}: هو نصب على الحال، والخِفَاف: جمع خفيف، والثِّقال: جمع ثقيل.
(١) ذكر الأبيات عن أبي بكر رضي اللَّه عنه ابن إسحاق فيما رواه عنه أبو نعيم في "دلائل النبوة" (٢٣٧)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٠/ ٨٥ - ٨٦)، وأوردها الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٤٨)، والسهيلي في "الروض الأنف" (٤/ ١٤٢) (ط: إحياء التراث)، والكلاعي في "الاكتفاء" (١/ ٢٩٠)، ومعنى يوقرني: يسكنني ويهدئني. وأسدف الليل: إذا أرخى ستوره وأظلم. وفي بعض المصادر (سُدَف).
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٣٧٤).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٢٨).