لأنه في معنى المصدر، وتقديره: وما منع المنافقين قبولَ نفقاتهم في سفرهم معك وفي غير ذلك طوعًا أو كرهًا إلا كفرُهم باللَّه وبرسوله، وهو رفعٌ لأنه فاعل.
وكما لا تُقبل نفقاتهم لا تُقبل صلاتهم لكفرهم، وهم لنفاقهم لا يأتونها إلا متثاقِلين؛ لأنَّهم لا يرجون بأدائها ثوابًا ولا يخافون بتركها عقابًا، ولا ينفقون شيئًا إلا على كراهةٍ منهم.
ثم ذمُّهم على الكسل مع أنه لا صلاةَ لهم ذمٌّ على النفاق الذي يَبعث على الكسل، وفَقْدِ الإيمان الذي يَبعث على النشاط.
وقال الإمام القشيري رحمه اللَّه: فقَدوا الإخلاص في أعمالهم فعَدِموا الاختصاصَ في أحوالهم، وحُرِموا الخلاص في عاجلهم ومآلهم (١).
* * *
(٥٥) - {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}.
وقوله تعالى: {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما وقتادة: فيه تقديم وتأخير، فلا تعجبْك أموالهم ولا أولادهم في الحياة الدنيا إنما يريد اللَّه ليعذبهم بها في الآخرة (٢).
وقال الحسن: هي على نَظْمها، ومعناه: يعذبهم بها في الدنيا بأخذ الزكَوات منهم بغيرِ طيبةِ نفسٍ منهم، والإنفاق في سبيل اللَّه كذلك.
وقال ابن زيد: أي: بالمصائب (٣).
(١) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٥).
(٢) "إنما يريد اللَّه ليعذبهم بها في الآخرة" ليس في (ف).
(٣) روى هذه الأقوال الطبري في "تفسيره" (١١/ ٥٠٠ - ٥٠١).