وقوله تعالى: {وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}: أي: تُرجَعون في القيامة إلى جزاءِ مَن يعلم الظاهر والباطن.
{فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}: أي: يخبركم به ويجزيكم عليه.
وقيل: أي: لا تنظروا إلى قبول التوبة وأخذِ الصدقة فتتركوا العمل، بل اعملوا ما عشتُم (١).
وقيل: أي: أصلحوا أعمالكم في المستأنَف، واحذروا العَود إلى مثل ما كان منكم، فإن النبي عليه السلام والمؤمنين يراعون أعمالكم ولا يخفى عليه ثباتُكم على التوبة أو زوالُكم عنها، واللَّه عزَّ وجلَّ لا يخفَى عليه سرائرُكم، وهو يُثيبكم (٢) بأعمالكم ويجزيكم عليها، وهو ترغيب وترهيب.
وقيل: هو خطاب للمنافقين ووعيدٌ لهم.
وقيل: هو خطاب للمؤمنين: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ} فيثيبُكم {وَرَسُولُهُ} فيزكِّيكم {وَالْمُؤْمِنُونَ} فيَشهدوا لكم بالخير.
وروى الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مروا عليه بجنازة فأَثنوا عليها فقال عليه السلام: "وجَبَتْ" قيل: يا رسول اللَّه، وما وَجَبتْ؟ قال: "الملائكة شهداءُ اللَّه في السماء، وأنتم شهداءُ اللَّه في الأرض، فإذا شهدتُم وجبتْ "ثم قرأ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- هذه الآية (٣)، قال: وفيه دلالة أن إجماع الأمة حجةٌ (٤).
(١) في (ف): "عسيتم".
(٢) في (ف) و (أ): "ينبئكم".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٦٣٢) من حديث سلمة بن الأكوع رضي اللَّه عنه. وله شاهد من حديث أنس رواه البخاري (١٣٦٧)، ومسلم (٩٤٩)، دون ذكر تلاوة الآية، ودون قوله: "الملائكة شهداءُ اللَّه في السماء".
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٥/ ٤٧٢).