وقوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ}: أي: وإذا أصابَ الواحدَ مِن المشركين البلاءُ والمكروهُ في بدنِه ومالِه.
{دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا}: أي: على أيِّ حالٍ كانَ مِن اضطجاعٍ أو قُعودٍ أو قيامٍ.
{فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ}: أي: فإذا أزلنا عنه بلاءه {مَرَّ}؛ أي: استمرَّ على شركِه لا يرى ذلك منَّا، وعادَ إلى ما كان عليه {كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ}؛ أي: كأنَّه لم يدْعُنا في بلاءٍ أصابَه.
{كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}: أي: كالذي زُيِّنَ لهذا الإنسان زُيِّنَ لسائر المشركين المجاوزين حدودَ الشَّرع بالإشراك باللَّه وتكذيب الأنبياء ووضع الأموال والأنفس في الموضع الذي لا ينتفعون به في عبادة الأصنام وغيرها = {مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} من الدُّعاء عندَ البلاءِ والنِّسيان عند الرَّخاء، وهذا التَّزيين مِن اللَّهِ تخليقًا، ومِن الشَّيطان وسوسةً، ومن الأصحاب دعوةً وتلبيسًا.
وقال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: نزلَتِ الآيةُ في أبي حذيفةَ هشام بن المغيرة (١).
وقال عطاءٌ: في الوليدِ بن المغيرة وعتبةَ بن ربيعة (٢).
وقال الإمام الزَّاهد أبو منصور رحمه اللَّه: قال بعض أهل التَّأويل: جميع ما ذُكر في القرآن الإنسان فالمراد منه الكافر: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ} الانشقاق: ٦، {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} الانفطار: ٦، {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} العصر: ٢،
(١) هو قول مقاتل في "تفسيره" (٢/ ٢٣٠).
(٢) ذكره الواحدي في "الوسيط" (٢/ ٥٤٠).