{يَانُوحُ اهْبِطْ}؛ أي: انزل من السَّفينة إلى الأرض.
وقيل: مِن الجوديِّ إلى قرار الأرض.
{بِسَلَامٍ}؛ أي: تحيَّةٍ؛ كما قال: {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} الصافات: ٧٩، وهو الثَّناءُ الحسَنُ.
وقيل: أي: بسلامةٍ مِن الآفاتِ.
{وَبَرَكَاتٍ}: جمعُ بَرَكَةٍ؛ وهي ثبوتُ الخيرِ بتمامه (١)، وهو في حقِّه تكثيرُ ذرِّيَّتِه وأتباعِه، وجعلُ أكثرِ الأنبياء مِن ذرِّيَّتِه، وأئمَّةِ الدِّين في القرون الباقية مِن نسلِهِ، وسائرُ المنافعِ.
{وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ} قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أرادَ الأممَ الَّذين كانوا مِن بعدِه، فإنَّه لم يكنْ معَه يومَئذ إلَّا نفرٌ يسيرٌ، ودلَّ هذا أنَّ دينَ الأنبياءِ جميعًا دينٌ واحدٌ وإنِ اختلفَتْ شرائِعُهم، فإنَّه جعلَهم ممَّن معَه على اختلافِ شرائعِهم (٢).
ثمَّ يجوز أن يكون هذا السَّلام ممَّا سألَ: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي}، والبركات ممَّا سألَ: {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا} المؤمنون: ٢٩.
وقوله تعالى: {وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ} هذا ابتداء كلام (٣)؛ أي: أُمَمٌ مِنَ الكفَّار مِن نسلِكَ أُمَتِّعُهم في الدُّنيا إلى انقضاءِ آجالِهم، ثمَّ يصيبُهم في الآخرة عذابٌ أليمٌ في النَّار.
* * *
(١) في (أ): "ونمائه".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ١٤٠).
(٣) "كلام" ليس في (أ) و (ف).