والواردُ (١): الصَّائر إلى الماء للاسْتِقاءِ منه.
وأدلى دلوَه: أرسلَها ليملأَها، ودلَّاها يَدْلوها: أخرجها ملأى ماءً.
والإسرارُ: الإخفاء.
والبضاعةُ: قطعةٌ من المال تُحمَلُ لطلبِ ربحها.
يقول: وجاءَتْ عِيرٌ يسيرونَ إلى موضعٍ -قيل: كانوا يسيرون إلى مصرَ جائين من الشَّام- فانتهوا إلى ناحية بيتِ المقدسِ، والجبُّ هناك، فأرسلوا مَنْ يَرِدُ البئرَ فيَستقي لهم الماءَ على رَسْمِ القوافلِ، فأرسلَ دلوَه في البئرِ، فتعلَّقَ بها يوسفُ، فراَه الوارِدُ فنادى أصحابَه -وهم بالقُرْبِ منه- بالبشارة، فقال: يا بُشرَى لكم، هذا غلامٌ عبدٌ قد وجدْتُهُ.
ومَن قرأ: {يا بشراي} فمعناه: يا بشارة لي.
ولمَّا نادى أصحابَه -وهم رفقته (٢) - بالبشارةِ، فنظروا إليه {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً}؛ أي: قالوا في أنفسهم: نبيعُ هذا الغلامَ مِن مَلِكِ مصرَ، فنكون قد انتفعنا (٣) بثمنِه، فتقدير هذا: أسرُّوا هذا في أنفسِهم جاعلين له (٤) بضاعةً.
وقيل: معناه: أنَّ هذا الواردَ ورفقتَه خافوا أنَّ سائرَ أهل العير إنْ علموا بالحال استشركوهم فيه، فأسرُّوا فيما بينهم أنْ يقولوا إذا سألَهم أهلُ العير عنه قالوا: إنَّه بضاعة استبضَعَناه بعضُ أهل الشَّام إلى مصر؛ ليسلَمَ الغلامُ لهم من غيرِ مزاحمةٍ.
(١) في (أ): "والوارد أيضًا".
(٢) في (ر) و (ف): "رفقة".
(٣) في (ف) و (أ): "ارتفقنا".
(٤) أي: جاعلين إياه، واللام تدخل على المفعول مع اسم الفاعل للتقوية.