يكون بينهم تفرُّقٌ في الإرادات؛ فإمَّا أنْ يلزمَ العجزُ كلَّهم أو بعضَهم، والعاجزُ لا يجوز أن يكون إلهًا، وهو معنى قوله عزَّ وجلَّ: {إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} المؤمنون: ٩١، وقولهِ تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} الأنبياء: ٢٢ ولأنَّ الآلهة إذا تفرَّقَتْ لم يمكن إرضاءُ جميعِهم بالعبادة، وإرضاءُ الواحدِ أمكنُ (١) بالمداومةِ على عبادته والعملِ بطاعته.
* * *
(٤٠) - {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ}: لمَّا كانت الأسماء الَّتي سمَّوها لا تصحُّ معانيها؛ صارَتْ كأنَّها أسماءٌ فارغةٌ يرجعون في عبادتهم إليها، فكأنَّهم يعبدون الأسماء، إذ لا معاني لها من إلهٍ وربٍّ.
وقوله تعالى: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ}: أي: لم يجعلِ اللَّهُ عزَّ وجلَّ دليلًا على جواز عبادتها، ولا أقامَ حجَّةً على تعظيمها.
وقوله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ}: أي: ما الحكمُ في الإلهيَّة والرُّبوبيَّة إلَّا للَّه الواحد القهَّار.
قوله تعالى: {أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}: المستقيم. وقيل: أي: الَّذي قامَتِ الدلالةُ على صحَّتِه.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}: قال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: أي: لا
(١) في (أ): "ممكن".