يتفكَّرون فيه ولا ينظرون فلا يعلمون، ولو تفكَّروا فيه ونظروا لعلِموا، وهذا يدلُّ على أنَّ العقوبة تلزمُ وإنْ جهلَ إذا أَمكن له إنعام نظر فيه (١)، ولا يُعذَر به، أو معناه: لا ينتفعون بعلمِهم مع أنَّهم يعلمون به (٢).
* * *
(٤١) - {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ}.
وقوله تعالى: {يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا}: أي: سيِّدَه، وهو الملكُ، يعني به: السَّاقي.
{وَأَمَّا الْآخَرُ}: أي: الطَّبَّاخ {فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ}؛ أي: الطُّيور {مِنْ رَأْسِهِ}.
{قُضِيَ الْأَمْرُ}: أي: فُرغ منه وأُتِمَّ الأمر (٣) {الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ}؛ أي: تسألان تأويلَه.
قال وهبٌ: قال السَّاقي: إنِّي رأيْتُ حَبَلَةً، فيها ثلاثةُ قضبانٍ جردٍ، فبينا أنا أنظرُ إليها إذا هي قد أورقَتْ (٤) وأخرجَتْ ثمرتَها، ونضجَتْ عناقيدُها، وإذا كأسُ فرعونَ في يدي، فأخذْتُ العناقيدَ فعصرتهنَّ في الكأس، فناولتُها الملكَ فشربَه.
قال يوسفُ: ما أحسنَ ما رأيْتَ! تمكثُ في السِّجنِ ثلاثةَ أيَّامٍ، ثمَّ يذكرُكَ الملكُ فيدعوك ليعفوَ عنك، ويردَّكَ إلى عملِكَ فتكونَ كما كنْتَ، فاذكرْنِي عند ربِّك -يعني: عند الملكِ- فإنِّي سُجِنْتُ مظلومًا، لعلَّه أنْ ينظرَ في أمري ويخرجني مِن السِّجن.
(١) في (ر) و (ف): "أمكن له العلم بطريقة".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (٦/ ٢٤٢).
(٣) "الأمر" من (ر).
(٤) في (أ) و (ر): "افترقَتْ".