قيل: بأنَّه قال ذلك عن وحيٍ مِن اللَّه تعالى، لم يفعلْهُ جزافًا، وعلمَ أنَّ اللَّهَ جلَّ جلالُه أرادَ استكمالَ صفاء يعقوب عن ميل الطَّبع إلى أخيه (١)، فعاملَه على ما علمَ مِن اللَّه تعالى.
* * *
(٦٣) - {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَاأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
وقوله تعالى: {فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُوا يَاأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ}: قرأ حمزة والكسائيُّ: {يكتل} بالياء؛ أي: يكتلْ بنيامين لنفسِه، وقرأ الباقون بالنُّون (٢)؛ أي: نكتلْ (٣) نحنُ له وقرَ بعيرٍ؛ أي: لأجله.
وقيل: معناه: إنَّ الإخوة لمَّا رجعوا إلى يعقوب عليه السلام قالوا: {مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ}، لم يريدوا أنه منع ما جاؤوا يشترونه، فقد قال: {أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ}، بل أرادوا أنَّه قال لنا: {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ}، فتقديرُ قوله: {مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ}: ذَكَرَ لنا مَنع الكيل (٤) إن أتيناه نحنُ بلا أخٍ.
ولمَّا شقَّ عليه ذلكَ وخافَ ضياعَه؛ قالوا: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
* * *
(٦٤) - {قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنْتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.
(١) في (ر): "إلى حبه".
(٢) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٣٥٠)، و"التيسير" للداني (ص: ١٢٩).
(٣) في (أ): "نكيل".
(٤) "ذكر لنا منعَ الكيل" ليس في (ف).