فلمَّا أخرج يده ليأكل بكى بنيامين؛ فقال له يوسف: لِمَ تبكي؟ قال: ما أشبَهَ هذه اليد بيد يوسف! فقال: هذه يدُ يوسف، وأنا يوسف. فذلك قوله: {إِنِّي أَنَا أَخُوكَ}، فقال بنيامين: وإذ وجدْتُكَ فلا أفارقُك، ولا أرجعُ مع أصحابي.
فقال: لقد علمْتَ اغتمامَ الوالدِ بك، وإنْ حبسْتُكَ ازدادَ غمُّه، ولا يتهيَّأ لي وجهٌ صالح إلَّا بعد أنْ أتَّهمَكَ (١) بأمرٍ فظيعٍ، وأنسبَكَ إلى ما لا يَجملُ بك بحالٍ (٢). قال: لا أبالي، فافعلْ ما بدا لك، فإنِّي لا أفارقُكَ.
قال: فإنِّي أدسُّ صاعي هذا في رحلِكَ، ثمَّ أنادي عليك بالسَّرقة ليتهيَّأ لي ردُّك بعدَ تسريحك. قال: فافعل.
* * *
(٧٠) - {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}.
وقوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ}: فسَّرناه مرَّةً.
وقوله تعالى: {جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ}: السِّقايةُ: هي الإناءُ الَّذي يُسقى فيه، وهي هاهنا صاع الملك، فكان يشربُ منه.
وقيل: كان مِن فضَّةٍ.
وقال ابن زيدٍ: كان مِن ذهب (٣).
وقال ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: كان مِن نحاسٍ (٤).
(١) في (ف) و (أ): "أشهرك".
(٢) "بحالٍ" ليس في (ف).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٢٤٦)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢١٧١).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٣/ ٢٥١).