وقيل: لم يكن ذلك حكمَ يعقوب، بل كان ذلك (١) حكمَ أهلِ مصر، فبادروا بالتزام هذا الحكمِ قبلَ أن يُجبَروا عليه.
وقيل: لم يكن ذلك حكمَ أحدِ الفريقَيْن، وإنَّما هو شيءٌ اتَّفقَ لهم القولُ به ثقةً منهم بأنَّهم لم يسرقوا، فنفَوا التُّهمة عن أنفسِهم بالتزامِهم أغلظَ ما يكون رسمًا (٢) وحكمًا في السُّرَّاق، فكان ذلك أمرًا أرادَه اللَّه تعالى إتمامًا لمرادِ يوسفَ مِن احتباس أخيه عندَه، فأجرى هذا القول على ألسنتِهم.
وقيل: معنى قوله: {فَهُوَ جَزَاؤُهُ}؛ أي: هو الَّذي يُجزَى جزاءَ السُّرَّاقِ دون غيره.
* * *
(٧٦) - {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}.
وقوله تعالى: {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ}: أي: بدأ المؤذِّن برحال الإخوة قبل رحلِ أخي يوسف وهو بنيامين، والوعاءُ: الظَّرفُ الَّذي يُوعَى فيه الشَّيء؛ أي: يُحفَظُ.
{ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ}؛ أي: أخرجَ السِّقاية، وقال الزَّجَّاج: أي: الصُّواع، ويذكَّر ويؤنَّث، فلذلك قال: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ}، ثمَّ قال: {ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا} (٣).
وقوله تعالى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ}: أي: كدنا إخوةَ يوسف ليوسف (٤)،
(١) في (أ) و (ر): "هو".
(٢) في (أ): "وسمًا".
(٣) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (٣/ ١٢٢).
(٤) "ليوسف" ليس في (أ).