الكعبةِ: لولا عيالي ودينٌ عليَّ لتولَّيْتُ قتلَ محمَّدٍ، قال صفوانُ: وكيف تصنع؟ قال: أراعي وحدته فأقتله بسيفي غِيلةً وأهرب، فقال صفوان: دَينُكَ عليَّ، وعيالُك مع عيالي، فافعل هذا.
فاتَّخذَ وهبٌ سيفًا وسمَّه، ودخل مع صفوان بينَ (١) باب الكعبة والسِّتر، وعاهدَه على ذلك.
فقال صفوان: كيف تسير إليه واللَّه يخبرُه بمسيرك؟
فقال: أستخفي باللَّيل؛ أي: أسيرُ في ظلمته، وأسربُ بالنَّهار؛ أي: أدخل السرب.
وكان ذلك عقيدةُ بعضِ الكفَّار في أنَّ العبد قد يتستَّر عن اللَّه بمثل هذا.
ولَمَّا وصل إلى المدينة ودخلَها راَه عمرُ رضي اللَّه عنه، فقال للصَّحابة: إنِّي رأيْتُ وهبًا قد قدم، فرابني قدومُه، وهو رجل غادر، فاحرسوا (٢) رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عنه.
ولَمَّا رآه النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "ما أقدمَكَ؟ "، قال: جئْتُ أفادي الأسارى، فقال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فلمَ تقلدْتَ السَّيفَ؟ "، فقال: يا محمَّد، أَمَا إنَّا حملنا السُّيوف يومَ بدرٍ فلَمْ نُفلح، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وما الَّذي قلْتَ لصفوان في الحِجْر: لولا عيالي ودَيني لتولَّيْتُ قتلَ محمَّدٍ بيدي؟ " فقال وهبٌ: ما قلْتَ يا محمَّد؟ أعدْهُ عليَّ. فأعادَ، فقال: كنَّا نكذّبُكَ في أخبار الأرض، فالآن أخبَرْتَنا بخبر السَّماء، هذا أمرٌ لم يطَّلِعْ عليه أحدٌ مِن النَّاس، وما أطلَعَكَ عليه إلَّا اللَّهُ بوحيٍ مِن السَّماء، ثمَّ قال: أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللَّه، وأشهدُ أنَّك عبدُه ورسولُه (٣).
(١) في (أ): "من".
(٢) في (ر): "فأخبروا".
(٣) روى نحوه الواقدي في "مغازيه" (١/ ١٢٥) عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلًا، ورواه الطبراني =