(٢١) - {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}.
وقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ}: أي: ليس مِن شيءٍ يخزِّنُهُ الخلْقُ ممَّا يحتاجون إليه.
{إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ}: أي: إلَّا نحنُ مالكونَ له، قادرون عليه.
والخزائنُ: جمعُ خزانةٍ، وهي المواضعُ الَّتي (١) يخزِّن فيها الملوك أملاكَهم ليأخذوا منها ما يحتاجون إليه بقَدْرِ الحاجة، ويكونُ الباقي معدًّا لوقت الحاجة، فاستُعِيرَ هنا لِمَا يخرِجُهُ اللَّهُ تعالى لعبادِهِ عندما يحتاجون إليه.
وقوله تعالى: {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}: وما يخرجُ مِن ذلك للخَلْقِ إلَّا بقَدَرٍ معلومٍ للكفايةِ.
وقال القشيريُّ: مَن عرفَ القِسْمةَ وأنَّ خزائنَ الأشياءِ عندَ اللَّهِ، تقاصرَتْ خُطاه عن التَّرداد إلى منازلِ الأغيار في طلَبِ الإرفاق، وعن التَّطوافِ في الآفاق في طلبِ الأرزاق، وتنقطعُ آمالُه عنِ الخَلْقِ، فينفردُ قلبُه للَّهِ، ويتجرَّدُ عنِ التَّعلُّقِ بغيرِ اللَّهِ.
وقال في قوله: {وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ}: مَن عرفَ القسمةَ استراحَ عن كدِّ الطَّلبِ، فإنَّ المعلومَ لا يتغيَّر، والمقسومَ لا يتقلَّل ولا يتكثَّر (٢).
* * *
(٢٢) - {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}.
وقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}؛ أي: لاقحاتٍ بالماء؛ أي: حاملاتٍ،
(١) في (ف): "وهو الموضع".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٦٧).