ومنه: قوله في حقهم: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} النساء: ١١٠.
وقوله تعالى: {وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} قال: محمولُ الكرام لا يقع، ولو وقع أُخذ بيده (١).
ولما حمل بنو آدم الأمانة جازاهم بأن قال: {وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} وشتَّان ما بينهما (٢).
وقوله تعالى: {وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}: الرزقُ الطيِّب: ما كان على شهود الرازق، فمَن لم يكن غائبًا بقلبه، ولا غافلًا عن ربِّه، استطاب كلَّ رزق، وأنشدوا:
إنِّي لِمَا قد سُمْتَ ركَّابُ... وللَّذي تسقيه شرَّابُ
لا عائفًا شيئًا ولو شِيبَ لي... من كفِّك العلقمُ والصَّابُ (٣)
وقوله تعالى: {وَفَضَّلْنَاهُمْ} فضَّلهم جميعًا بالخَلْق الحسَن، ثم فضَّل بعضهم على بعضٍ بالخُلُق الحسَن.
وقيل: فضَّلهم بأنْ لاحظوا أنفسهم بعين الاستحقاق، وأعمالَهم بعين الاستصغار (٤).
* * *
(١) في "لطائف الإشارات": (وإن وقع وجد من يأخذ بيده).
(٢) في (أ): "هما".
(٣) البيتان لأبي نواس، وهما في "ديوانه" (ص: ٦٩)، ولم يردا في "اللطائف"، وفيه بدلًا منهما:
يا عاشقي إني سُعِدْتُ شرابًا... لو كان حتى علقمًا أو صابا
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٥٩ - ٣٦٢)، وما تقدم بين معكوفتين منه، والعبارة الأخيرة فيه: (فضَّلهم بألا ينظروا إلى نفوسهم بعين الاستقرار، وأن ينظروا إلى أعمالهم بعين الاستصغار).