آخر (١): أين الصابرون على المحذور؟ فيقومون، فهذه هي المقامات، إلى أن يَتمَّ أربعٌ وسبعون من الألوية (٢).
وقيل -وهو الأظهرُ والأوفق للنظم-: {بِإِمَامِهِمْ}؛ أي: إلى كتابهم الذي كتب فيه أعمالهم، وسمِّي إمامًا لأن المرجع إليه في تعرُّف أعمالهم، كما يسمَّى مصحفُ عثمان إمامًا لأن المرجعَ إليه، ويدل عليه ما بعده، وهو قوله:
{فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ}: وهو كتاب أهل السعادة {فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ} مشتمِلًا على ما كان منهم.
{وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا}: أي: ولا يُنقصون شيئًا من ثواب أعمالهم وإن كان شيئًا حقيرًا يسيرًا بمقدارِ ما يفتله الرجلُ بين أصابعه من الوسخ، فهو الفتيل.
وقيل: الفتيل: الذي يكون في شقِّ النواة.
وقال القشيري رحمه اللَّه: {فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ} لكمالِ صَحْوِهم ووُفور عقلهم، والذين يُؤتَون كتابهم بشمالهم فهم لتحيُّرهم وتردُّدهم لا يقرؤون كتابهم، وأشار إليه في قوله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} الحاقة: ١٩ الآيات، ثم قال: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ} الحاقة: ٢٥ ولم يذكر القراءة (٣).
* * *
(٧٢) - {وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا}.
(١) "آخر" ليس من (ف).
(٢) في (أ): "أربع وسبعون لواء".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٦٢).