وقيل: كانت مأمورة بذلك: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} فكان وجوبُ الصمت بعد هذا الكلام.
وكان جواز ذلك في تلك الشريعة، وقد نسخ ذلك فينا، روى زيد بن وهب عن أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه: أنه دخل على امرأة وقد نذرت ألَّا (١) تتكلَّم، فقال أبو بكر رضي اللَّه عنه: إن الإسلام هدم هذا فتكلَّمي (٢).
* * *
(٢٧) - {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا}.
وقوله تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ}: أي: بعيسى {قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} قيل: عجيبًا، وقال مجاهد وقتادة والسدِّي: عظيمًا (٣).
ويجوز أن يكون الفريُّ بمعنى المفترَى؛ أي: في زعمك أنه ليس بزنًا ولا نكاحٍ.
* * *
(٢٨) - {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}.
وقوله تعالى: {يَاأُخْتَ هَارُونَ}: قال قتادة: أي: يا أختَ هارونَ بنِ عمران في الصلاح (٤).
= و"طبقات الفحول" (١/ ٢٦٣)، و"تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (ص: ٧١)، و"غريب القرآن" لابن عزيز (ص: ٢٢٦)، و"إعراب ثلاثين سورة" لابن خالويه (ص: ٢٥). الوضين: حزام الرحل، ودرأْتُ وَضِينَ البعيرِ: إذا بَسَطْتَه على الأَرض ثم أَبْرَكْته عليه لتَشُّدَّه به. وأراد: لو قدرتْ ناقتي أن تتكلم لقالت هذا الكلام، وأشار بقوله: (هذا) إلى ما استمرت به عادته معها.
(١) في (ف): "على امرأة لا".
(٢) رواه البخاري (٣٨٣٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٧٦) واللفظ له.
(٣) رواه عنهم الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٥٢٢).
(٤) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٧٦٤)، والطبري في "تفسيره" (١٥/ ٥٢٣). ولفظه: كان رجلًا =