ومعنى: {وَلَنْ تَفْعَلُوا}؛ أي: لستُم بفاعلين ذلك أبدًا، فـ (لن) نفيُ تأبيدٍ.
وقيل: معناه: لن تقدروا أن تفعلوا، وهو كقوله تعالى: {لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ} البقرة: ٦١ وقولهِ: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا} التوبة: ٨٣، هذا كلُّه نفيُ (١) القدرة.
وهذه الآيةُ دليلُ صدقِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فإنه أَخبر فكان كما أَخبر، وذاك غيبٌ عنا، فلا يكونُ إلا عن إخبارٍ مِن عالم الغيب له بذلك.
وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}: أي: ولمَّا عجزتُم عن معارَضة القرآن بمثلِه لزمتْكم الحجةُ أن محمدًا رسولي والقرآنَ كتابي، ولزمَكم تصديقُه والإيمانُ به، ولمَّا لم تؤمنوا صرتُم من أهل النار فاتَّقوها.
والكلامُ في تفسير التَّقوى ووجوهه قد مرَّ في تفسير قوله: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} البقرة: ٢.
والنارُ هي نارُ جهنم (٢)، وهي مؤنَّثةٌ سماعًا، ولذلك قال اللَّه تعالى: {الَّتِي وَقُودُهَا} فأنَّث الصفة والكناية.
وقوله (٣): {وَقُودُهَا}؛ أي: حطبُها، فالوَقود بفتح الواو: ما يُوقد به النارُ وهو الحطب، والوُقود بضمها: التهابُها، فهو مصدرٌ والأول اسمٌ.
وقوله: {النَّاسُ} هم الكفَّار هاهنا.
وقوله تعالى: {وَالْحِجَارَةُ} هي جمع حجرٍ، والحجر: الصخر، وهو
(١) في (ف): "هذا كلمة نفي" وفي (ر): "هذا نفي كلمة".
(٢) في (ف): "هي جهنم".
(٣) في (أ): "قوله تعالى".