بالتذكير لسبق ذكر قوله: {وَمَا يُمْسِكْ}، ويجوز في العربية التأنيثُ فيهما لذكر الرحمة (١)، ويجوز تذكيرهما لذكر {وَمَا} فيهما.
وقيل: الآية عامة لكلِّ نعمة، ويدل عليه ما بعده: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}.
والرحمة في القرآن جاءت للمطر: قال تعالى: {نُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} الأعراف: ٥٧.
وللرزق: قال تعالى: {وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ} الإسراء: ٢٨.
ولأشياء: قال تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} القصص: ٧٣، وقال تعالى: {إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ} ثم قال: {أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ} الزمر: ٣٨ وعلى هذا آيات.
{وَهُوَ الْعَزِيزُ}: في مُلكه وجلاله {الْحَكِيمُ} في أقواله وأفعاله.
* * *
(٣) - {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ}: قيل: هو خطاب للمشركين {اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}؛ أي: تذكَّروا.
وقيل: أي: احفظوا ما مَنَّ اللَّه به عليكم من أنواع النِّعم.
{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ}: قرأ حمزة والكسائي وأبو جعفر: {غَيْرُ اللَّهِ} بالخفض على ظاهرِ قوله: {مِنْ خَالِقٍ}، وقرأ الباقون: {غَيْرُ اللَّهِ} بالرفع (٢) لوجهين: هل غيرُ اللَّه
(١) بعدها في (ر) و (ف): "فيهما".
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٥٣٤)، و"التيسير" (ص: ١٨٢)، و"النشر" (٢/ ٣٥١).