{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}: أي: يسألُ كلُّ واحدٍ صاحبَه سؤالَ توبيخٍ، يقولُ هذا: لِمَ غرَرْتَني؟ ويقولُ الآخر (١): لِمَ قبِلْتَ منِّي.
وقيل: هو في معنى قولِه: {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} ص: ٦٤، وقولِه تعالى: {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّار} غافر: ٤٧.
وقيل: هذا التَّساؤلُ هاهنا بينَ السَّادةِ والأتباعِ.
* * *
(٢٨) - {قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ}.
قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ}: قال نِفْطويه: كنتُمْ تمنعوننا عنِ الدِّينِ (٢) الحقِّ وعنِ الطَّاعةِ، وتُلَبِّسون ذلك علينا (٣).
يُقالُ: أتاهُ عن يمينِه، إذا أتاه مِن الجهةِ المحمودةِ، والعربُ تنسِبُ الفعلَ الجميلَ إلى اليمينِ، وما ضادَّه إلى الشِّمالِ، وقالوا: الميمنةُ مِنَ اليُمْنِ، والمشأمةُ مِنَ الشُّؤْمِ (٤).
وقال الفرَّاءُ: أي: كنتُم تأتوننا مِن قِبَلِ الدِّينِ، فتخدعوننا عنه بأقوى الوجوه (٥).
وقوَّةُ الرَّجلِ بيمينِه، وتُسمَّى القوَّةُ يمينًا كذلكَ، قالَ الشَّمَّاخُ:
(١) في (ر): "هذا". وسقطت من (ف).
(٢) في (أ): "اليمين".
(٣) ذكر نحوه من غير عزو الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ١٤٣)، والواحدي في "البسيط" (١٩/ ٣٨)، ونسبه الماوردي في "النكت والعيون" (٥/ ٤٦) إلى الرماني.
(٤) انظر: "تصحيح الفصيح" لابن درستويه (ص: ٤٨٤).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٢/ ٣٨٤).