وقيل: {أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} مِن أخبار الأمم الماضية، فإنما (١) ذكَرْنا لكم أفعالَها: محاسنَها ومساوئَها، فاتَّبعوا محاسنها.
وقيل: أي: اتَّبِعوا القرآن، فإن اللَّه أنزلَ على رسوله القرآنَ وغيرَه، والقرآنُ أحسن ما أنزل، قال اللَّه تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} الزمر: ٢٣.
وقال عبد الرحمن بن زيد: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ}؛ أي: المُحْكَمات، وكِلُوا عِلْمَ المتشابهات إلى عالِمها (٢).
وقيل: معناه: إنَّ العدلَ حسَنٌ، والفضلُ أحسنُ منه، وطلبَ الحق حسَنٌ، والعفوُ أحسنُ منه، والبدايةَ بالنَّفْس حسَنٌ، والإيثارُ أحسنُ منه.
وقولُه تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}: أي: فجأةً مِن حيثُ لا عِلْمَ لكم أنه يجيئُكم.
وقيل: العذابُ المذكور في الآية الأولى عذابُ الدنيا، والمذكورُ في هذه الآية عذابُ الآخرة بدليل ما بعدها.
* * *
(٥٦) - {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ}.
{أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ}: أي: لئلَّا تقولَ نفْس؛ كما في قوله: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} لقمان: ١٠؛ أي: لئلَّا تميدَ بكم.
وقيل: حذَرًا.
(١) في (أ): "فإذا"، وفي (ف): "فإنا".
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٨/ ٢٤٦).