وقوله: {مِنْهَا}، قيل (١): أي: من الجنَّة، وهي كنايةٌ راجعةٌ إلى الظاهر، وصحَّت لأنَّ المأكولَ ثمارُها، وهي مِن أشجارها وهي مِن الجنَّة.
وقيل: أي: مِن الثمار، وهي كنايةٌ راجعةٌ إلى المعنى دون المذكور.
وقوله تعالى: {رَغَدًا}: يقال: رَغُدَ عيشُهم رَغَدًا، فهو رغيدٌ ورَغِدٌ ورَغَدٌ، أي: طيِّبٌ واسعٌ، وأَرْغَدَ القومُ؛ أي: أَخْصَبوا، وأَرْغدَ الرجلُ الماشيةَ؛ أي: سوَّمها، والرَّغيدة: الزُّبدة.
وأمَّا تفسيره: فقد قال ابنُ عباس وابنُ مسعود رضي اللَّه عنهم: أي: هنيئًا (٢).
وقال أبو عبيدة والضحاك: أي: واسعًا (٣).
وقال مجاهد: أي: حلالًا لا حسابَ فيه (٤).
وقيل: أي: كثير.
وقال الزجَّاج: الرَّغَدُ: الكثيرُ الذي لا يُعنِّيك طلبُه (٥).
وهو نعتُ مصدرٍ محذوفٍ، ولذلك نُصب؛ أي: وكُلا أَكلًا رغَدًا.
قوله تعالى: {حَيْثُ شِئْتُمَا} أي: في أيِّ بقعةٍ شئتُما مِن الجنَّة.
وقيل: يعني: مِن أيِّ ثمارها شئتُما.
و (حيث) اسمٌ للمكان، وأصله: حَوْث، ولذلك ضُمَّت ثاؤها لواوٍ كانت قبلها،
(١) "قيل" ليست في (أ).
(٢) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (١/ ٥٥٠).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٥٥٠) من طريق الضحاك عن ابن عباس بلفظ: الرغد سعة المعيشة.
(٤) رواه عنه الطبري في "تفسيره" (١/ ٥٥٠).
(٥) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ١١٤).