وقال الأخفش: {وَلَا يُنْزِفُونَ}؛ أي: لا يسكرون (١).
وقيل في قوله: {لَا يُصَدَّعُونَ}: أي: لا يفرَّقون بما ينفد مِن شرابهم، وقد تَصَدَّعَ القومُ؛ أي: تفرَّقوا، وصدَّعَهم كذا؛ أي: فرَّقَهم.
* * *
(٢٠ - ٢٢) - {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ}.
ثمَّ ذكرَ اتِّساعَهم في الفاكهةِ فقال: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ} يحتمل: وفاكهةٍ كثيرة يتخيَّرون منها ما شاؤوا لكثرَتِها.
ويحتمل: وفاكهة مِن الفواكه التي يتخيَّرونها؛ أي: فاكهةٍ متخيَّرةٍ تُتخيَّر كلُّها (٢).
ثمَّ ذَكرَ اللَّحمَ الذي هو سيِّد الإدام، وكانت العربُ يتوسَّعون بلحمان (٣) الإبل، ويعزُّ عندهم لحمُ الطُّيور، ويسمعون بها عندَ الملوكِ، فوُعِدوا بها، فقيل:
{وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}: أي: ممَّا هو شهيٌّ (٤) عندَهم.
وقيل: ممَّا يشتهونَه مِن جملةِ الأجناسِ التي (٥) يعطيهمُ اللَّهُ في الجنَّة، وإنْ كانَ كلُّها مشتهًى لفضلِه وحسنِه.
وقيل: {مِمَّا يَشْتَهُونَ}؛ أي: يأكلون عن شهوةٍ، لا عن جوعٍ ولا عن سآمةٍ.
(١) لم أقف عليه عن الأخفش، وذكره أبو عبيدة في "مجاز القرآن" (٢/ ٢٤٩)، والزجاج في "معاني القرآن" (٤/ ٣٠٣) وغيرهما.
(٢) في (ر) و (ف): "يتخير أكلها"، والمثبت من (أ)، والمعنى عليه واللَّه أعلم: فاكهة متخيرة لأجلهم مرضية كلها عندهم.
(٣) في (ر): "بلحم".
(٤) في (ر): "أشهى".
(٥) في (ر): "من جملة أجناسه أي" وفي (ف): "من جملة أجناسه التي".