وقيل: {وَالضُّحَى} {وَاللَّيْلِ}: اسمان من أسماء النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد كان على أوليائه ضحًى منيرًا، وعلى أعدائه ليلًا مظلمًا (١).
وقيل: معناه: وربِّ الضُّحى وربِّ (٢) اللَّيل إذا سجى.
* * *
(٣ - ٤) - {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى}.
قوله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}: القسم على هذا؛ أي: ما قطع عنك وحيَه قطْعَ التَّارك لك، والوداع والتَّوديع أصله الوَدْع، وهو التَّرْك.
{وَمَا قَلَى}: أي: وما قلاك، يعني: ما أبغضَكَ، والقلا: البُغْض، من حدِّ (ضرب).
وقال الفرَّاء: إنَّما ترك الكاف من (قلاك) لدلالة الكاف الأُولى -وهي: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} - على هذا، وهو كقولك: أكرمتُكَ وأحسنْتُ؛ أي: إليك (٣).
{وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى}: قيل: أي: ما أعدَّ اللَّهُ لك في الآخرة من المقام المحمود، والحوض المورود، والخير الموعود، خيرٌ لك من نعم الدُّنيا وكرامتها، فليس يقطع عنك كرامةً في الدُّنيا ولا في الآخرة.
وقال محمَّد بن إسحاق: أي: لَمَا عندي في مرجعك إليَّ خيرٌ لكَ ممَّا عجَّلْتُ لك من الكرامة في الدُّنيا (٤).
(١) مثل هذا القول أقرب لكلام أهل الإشارة، ومع ذلك فكان الأولى أن يقول بدل "اسمان من أسماء النبي": (صفتان وصف بهما النبي)، فإن أسماءه -صلى اللَّه عليه وسلم- معروفة ولم يذكر مثل هذين فيها، وإن كان وصفه عليه السلام بالليل لا يليق حتى مع الأعداء، فهو عليه السلام نور على الجميع أوليائه وأعدائه، وذلك بما أوتي من الخلق العظيم، والدعوة لتوحيد الرب الكريم.
(٢) "رب" من (ف).
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٢٧٣).
(٤) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (١/ ٢٤١).