وقيل: أي: وللحالةُ الآخرة خير لك من الحالة الأولى؛ أي: احتباسُ الوحي منك مدَّة بعد تواتُر الوحي خيرٌ لك، فقد قال الأعداء لك ما قالوا، وقلنا في ردِّهم مؤكَّدًا بالقسم: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى. . . وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}، وهذا فوق كلِّ كرامة.
* * *
(٥ - ٦) - {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (٥) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}.
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} (١): أي: الثَّوابَ الجزيل في العُقبى.
وقيل: هو النَّصر والظَّفر على الأعداء في الدُّنيا.
وقيل: هي الشَّفاعة في الآخرة في عصاة الأمة.
وقال الضَّحَّاك: أي: لا يخزيك في أمَّتك، ويؤتيك مرادَكَ فيهم.
وروي أنَّ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا أرضى وواحدٌ من عصاة أمَّتي في النَّار" (٢).
وقال جعفر الصَّادق: دخل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على فاطمة رضي اللَّه عنها وعليها
(١) " {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} " من (ف).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٢٢٥)، والواحدي في "البسيط" (٢٤/ ١٠٧).
ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٤/ ٤٨٨) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما موقوفًا عليه، ولفظه: "من رضا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- ألا يدخل أحد من أهل بيته النار".
وذكره القرطبي في "تفسيره" (٢٢/ ٣٤٢)، وذكَر قبله في هذا المعنى ما رواه مسلم (٢٠٢) من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما، وهو حديث الشفاعة، وفيه: "فرفع يديه وقال: اللَّهم أمَّتي أمَّتي، وبكى، فقال اللَّه عز وجل: يا جبريل اذهب إلى محمد، وربك أعلم، فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام، فسأله فأخبره رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بما قال، وهو أعلم، فقال اللَّه: يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنرضيك في أمتك، ولا نسوؤك".