أي: أمرًا غيرَ الذي أُمِروا به؛ فإنَّ أمرَ اللَّه تعالى قولٌ، وهو تغيير جميع ما أمروا به، وقد رَوَى أبو هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّهم دخلوا البابَ يَزحفون (١).
وقال ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما: دخلوا مستلقين على أقفيتهم.
وقيل: منحرفين على شقِّ وجوههم.
وقيل: على أستاهِهم (٢).
ولمَّا امتنعُوا عن السُّجود وأن يقولوا ما أمِروا به، أمرَ اللَّهُ تعالى الجبلَ أنْ يَقعَ عليهم، فرأوه، فسقطوا على شقِّ وجوهِهم يَنظرون إليه بالشِّقِّ الآخر، فرحمهم اللَّه تعالى، وردَّه عنهم، فقالوا: ما سجدةٌ أحبُّ إلى اللَّه تعالى مِن سجدةٍ (٣) كُشِفَ بها عنَّا العذاب، فلذلك يسجدون كذلك.
وقوله تعالى: {فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}؛ أي: الذين بدَّلوا (٤) {رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} أي: عذابًا.
وقيل: هو يقعُ على كلِّ عذابٍ، يقولُ اللَّه (٥) تعالى في سورة الأعراف: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ} (٦) الأعراف: ١٣٣، {يَامُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ} الأعراف: ١٣٤، ثمَّ قال: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ} سمَّى ذلك كلَّه رِجزًا.
(١) رواه البخاري (٤٤٧٩)، ومسلم (٣٠١٥).
(٢) انظر: "تفسير أبي الليث" (١/ ١٢٢).
(٣) في (أ): "هذه السجدة".
(٤) "أي: الذين بدلوا" من (أ).
(٥) في (أ): "لقوله"، وفي (ر): "بقول اللَّه" بدل: "بقول اللَّه".
(٦) في (أ): "الآية" بدل من "والضفادع والدم آياتٍ مفصلاتٍ" و"آيات مفصلات" ليست موجودة في (ف).