وقال أبو سعيد الضرير: هو العذابُ المفسِدُ للمعاشِ (١).
وقيل: هو العذابُ المزلزل.
وقد ارتجز؛ أي: ارتعشَ، واختلف في هذا الرِّجز الذي أُنزِلَ عليهم:
قيل: كان ذلك نارًا فأحرقتهم.
وقيل: كان طاعونًا، فمات به في ساعةٍ واحدةٍ أربعةٌ وعشرون ألف إنسانٍ، ودام فيهم حتَّى بلغوا سبعين ألفًا.
وقوله تعالى: {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} أي: عذَّبناهم بهذا لخروجِهم (٢) عن طاعتنا.
ثمَّ قال: {عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} ولم يقل: عليهم؛ على الاختصار، وقد سبقَ ذِكرُ الذين ظلموا؛ لأنَّه سبقَ ذِكْرُ المحسنين أيضًا، فلو أطلق لوقعَ احتمالُ دخولِ الكلِّ فيه، ولمَّا قال في سورة الأعراف: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ}، قال: {بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ} الأعراف: ١٦٢؛ ليتميَّزَ هؤلاءِ مِن غيرِهم، على أنَّ إعادةَ المكنيِّ صريحًا وكنايةً سائغةٌ، قال تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ} ثمَّ قال: {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} البقرة: ٩٨، وقال عديُّ بنُ زيد:
لا أَرى الموْتَ يَسْبِقُ المَوْتَ شيءٌ... نَغَّصَ الموتُ ذا الغِنَى والفَقِيرا (٣)
وقالوا: ذكر هاهنا {خَطَايَاكُمْ}، وقال في سورة الأعراف: {خَطِيئَاتِكُمْ}، وقال هاهنا: {ادْخُلُوا}، وقال هناك: {اسْكُنُوا} الأعراف: ١٦١، وقال هاهنا: {فَأَنْزَلْنَا}،
(١) بعدها في (ر): "المعد للمؤمنين".
(٢) في (أ): "بخروجهم".
(٣) انظر البيت في "أمالي ابن الشجري": (١/ ٣٧٠)، "ديوان عدي بن زيد" (ص: ٦٥).