في القرآن: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} البقرة: ٢٣٣ الآية، على قراءة من يرفع (١)، وفي الخبر: "لا تُنكَحُ المرأةُ على عمَّتِها ولا على خالتها" (٢).
وقولُه تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} -وهو قولُ الزَّجَّاج-: أضمرَ فيه: ويحسنون بالوالدين إحسانًا (٣)، ودلَّ على إضمار هذا الفعل إظهارُ هذا المصدر، وهو يقتضي الفعل.
ومعنى بالوالدين إحسانًا؛ أي: إلى الوالدين، وهذا كقوله: {وَقَدْ أَحْسَنَ بِي} يوسف: ١٠٠؛ أي: إليَّ، ويقال: أحسن به وإليه (٤)، وأساء به وإليه، قال كثير:
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومةً... لدينا ولا مقليَّةً إنْ تَقَلَّتِ (٥)
وقيل: المضمرُ: وأوصيناهم، عطفًا على: {وَإِذْ أَخَذْنَا}.
وقالوا: هذا أوجه؛ لأنَّه تقريرُ الباء التي هي صلةُ الوصيَّة مِن غير تغييرٍ له إلى معنى كلمة "إلى" التي هي صلةُ الإحسان.
وقد عظَّم اللَّهُ تعالى حقَّ الوالدين حيث قرنَ حقَّه بحقِّهما في هذه الآية، وفي آياتٍ من كتابه العزيز: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} النساء: ٣٦، {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الإسراء: ٢٣، {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} لقمان: ١٤.
(١) هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو. انظر: "السبعة" (ص: ١٨٣)، و"التيسير" (ص: ٨١).
(٢) رواه مسلم في "صحيحه" (١٤٠٨) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٣) انظر "معاني القرآن" للزجاج (١/ ١٦٣). ومن قوله: "وهو قول الزجاج" إلى هنا من (أ).
(٤) في (ر): "أي إليه".
(٥) "ديوان كثير" (ص: ١٠١).