والثاني: قولُ معمرٍ: فإيمانًا قليلًا ما يؤمنون (١)، هو (٢) نعتُ مفعولٍ يقعُ عليه فعلُ إيمانِهم، وهو المصدرُ في الحاصل، وهو يَرجِعُ إلى قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} الزخرف: ٨٧، وهذا إيمانٌ منهم بهذا، وهم مشركون في غير ذلك.
و {ما} صلةٌ زائدة على هذا القول، كما في قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} (٣) آل عمران: ١٥٩، {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} (٤)، {عَمَّا قَلِيلٍ} المؤمنون: ٤٠.
والثالث: فقليل مدَّةٍ يؤمنون، نصبه على الظَّرف، وهو يرجعُ إلى قوله: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} آل عمران: ٧٢.
والرابع: قولُ قتادة: لا يؤمنُ منهم إلَّا قليلٌ (٥)، وهو عبدُ اللَّه بن سَلَام وأصحابُه.
و {ما} في هذا بمعنى "من"، وهو للجمع (٦)، و"ما" بمعنى "من" واردٌ في اللُّغة، ومذكورٌ في القرآن، قال تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي} أي: من تعبدون من بعدي، و"قليلًا" نعت مقدَّم على الاسم، فنُصِب على القطع.
والخامس: فلا يؤمنون قليلًا ولا كثيرًا، و {ما} للجحد هاهنا، وإذا نَفى في (٧)
(١) انظر قوله في "تفسير الثعلبي" (١/ ٢٣٤). وروى الطبري في "تفسيره" (٢/ ٢٣٣) عن معمر عن قتادة، فذكر تفسيره، وقال معمر بعده: وقال غيره: لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم.
(٢) في (ر) و (ف): "وهو".
(٣) بعدها في (أ): "لنت لهم".
(٤) بعدها في (أ): "ميثاقهم".
(٥) رواه الطبري (٢/ ٢٣٣).
(٦) في (ف): "للجميع".
(٧) "في" ليس في (أ).