الياء منه، وقرأ ابنُ كثيرٍ وأبو عمروٍ غير الباقية: {ننسأها} بالهمز (١) مجزومًا، وهو كذلك (٢).
وقوله: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا} مجزومٌ؛ لأنَّه جزاءُ الشَّرط، وجزمُه بحذف الياء منه.
ومعنى النَّسخِ في الشَّرع: هو بيانُ مدَّة الحكم، ويُسمَّى نسخًا؛ لأنَّه في الظَّاهر نقلُ الحكمِ مِن شيءٍ إلى شيءٍ، كأمرِ القِبْلة، أو تغييرٌ وإبطالٌ وإسقاط له أصلًا، كنسخ فرض الصَّدقة قبلَ مناجاة النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكلُّ ذلك في الحقيقة بيانٌ أنَّ ذلك الحكمَ المتقدِّم كان مشروعًا إلى هذه المدَّة، وقد انتهى.
وفي قوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} (٣) الآية وجوهٌ:
أحدها: ما نرفع مِن حكمِ آيةٍ من القرآن مع بقاء تلاوتها، {أَوْ نُنْسِهَا} (٤) أي: نجعلْها منسيَّةً على القلوب برفعِ حكمِها، وتلاوتها. وقد نسيَ القلبُ يَنسى نسيانًا (٥)؛ فهو ناسٍ، وأنساهُ اللَّه ذلك.
وعن قتادة رحمه اللَّه أنَّه قال: كانت الآيةُ تُنسَخ بالآية، ويُنْسِي اللَّهُ تعالى نبيَّه مِن ذلك ما يشاء (٦).
وروى أبو أمامة بن (٧) سهلِ بن حُنَيف: أنَّ رجلًا كانت معه سورةٌ، فقام من
(١) "بالهمز" زيادة من (ف).
(٢) قوله: "وهو كذلك" من (ف). وانظر القراءة في "السبعة" (ص: ١٦٨)، و"التيسير" (ص: ٧٦).
(٣) بعدها في (ر) و (ف): "في".
(٤) في (ر) و (ف): "ننسأها". وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو كما تقدم قريبًا.
(٥) في (ر) و (ف): "نسيًا".
(٦) رواه الطبري (٢/ ٣٩١).
(٧) ما بين حاصرتين ليس في النسخ الخطية، وأبو أمامة اسمه أسعد، وقيل: سعد، معدود في الصحابة، =