والوليُّ: القيِّم بالأمر، من: ولَّيتُ الشَّيء إليه.
والنَّصيرُ: المعينُ والمانعُ.
{مِنْ دُونِ اللَّهِ} تعالى؛ أي: سوى اللَّه، وفي هذه الجملة ثلاثُ معانٍ:
أحدها: التَّحذيرُ مِن سَخَطِ اللَّه وعقابِه، إذ لا أحدَ يَمتنعُ منه.
والثاني: التَّسكينُ لقلوبِهم بأنَّ اللَّهَ تعالى وليُّهم وناصرُهم دونَ غيرِه.
والثالث: التَّفريقُ بين حالِهم وبين حالِ عبدةِ الأوثان؛ مدحًا لهم، وذمًّا لأولئك.
* * *
(١٠٨) - {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}.
وقوله تعالى: {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} قال الزَّجَّاجُ كلمة "أم" إذا لم تكن للعطفِ على ألف الاستفهام، كانت بمعنى "بل"، فتقديرُه: بل أتريدون أن تسألوا رسولكم؟ (١) وهذا استفهامٌ بمعنى التَّوبيخ.
ونزولُ الآية في شأن اليهود لعنَهم اللَّهُ؛ فإنَّهم قالوا: ائتنا بكتابِ اللَّه جملةً واحدةً، كما جاء موسى بالتَّوراة جملةً (٢).
وقولُه تعالى: {كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ} هو ما ذُكِرَ في قوله: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ} إلى قوله: {جَهْرَةً}.
وقيل: نَزَلت في المشركين، منهم: عبدُ اللَّه بن أبي أميَّة المخزوميُّ (٣)، حين
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ١٩٢).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (١/ ٢٥٧)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ٣٢).
(٣) ما بين حاصرتين زيادة لا بد منها، وعبد اللَّه بن أبي أمية أخو أم سلمة زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، كان شديدًا =