قال: يا محمَّد، {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} الآيات الإسراء: ٩٠، فأخبر اللَّهُ تعالى أنَّهم سَلكوا في اقتراحِهم على نبيِّهم طريقةَ اليهود في اقتراحِهم على موسى بما ذكَرنا (١).
وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} التَّبديلُ والاستبدالُ أخذُ الشَّيء بدلًا عن الشَّيء، وأرادَ اختيارَ الكفرِ بمحمَّد -صلى اللَّه عليه وسلم- على الإيمان به.
وقوله تعالى: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} أي: أخطأ وسطَ الطَّريقِ السَّويِّ الذي هو بين الغُلُوِّ والتَّقصير، وهو الحقُّ؛ يقال: احتجمَ فلان على سواءِ رأسه؛ أي: وسطه، وقال تعالى: {فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ} الصافات: ٥٥؛ أي: وسط الجحيم.
* * *
(١٠٩) - {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
وقوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا}؛ أي: أحبَّ كثيرٌ مِن أهلِ الكتابِ؛ اليهودِ، وتمنَّوا أن يصرفوكم بعد الإيمانِ إلى الكفرِ، وهذا بيانُ شِدَّةِ عداوتهم وحَسدِهم للمؤمنين.
وقال الزُّهريُّ وقتادة: هو كعبُ بن الأشرف وأصحابه.
= على المسلمين مخالفًا مبغضًا، شديد العداوة لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم خرج مهاجرًا إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلقيه بالطريق، وهو يريد فتح مكة، وشهد معه الفتح وحنينًا والطائف، ورمي يوم الطائف بسهم فقتله.
انظر "الاستيعاب" لابن عبد البر (٣/ ٨٦٨ - ٨٦٩).
(١) انظر "أسباب النزول" للواحدي (ص: ٣٢).