وقد جمع الأئمة بين التكبير والتسليم إذا فرض التقديم والتأخير فيهما، فقالوا: فيهما أوجه: أحدها - أنهما لا يجزيان، والثاني - أنهما يجزيان، والثالث - يجزىء التسليم ولا يجزىء التكبير.
٨٨٠ - وممّا يتعلق ببيان الأقل في التحفل نية الخروج عن الصّلاة، وقد ظهر اختلاف أئمتنا في اشتراطها، فقال الأكثرون: لا يجب ولا يلزم، اعتباراً بسائر العبادات، والنيات تعنى للإقدام على عبادة الله، فأمّا نجازها وانقضاؤها، فإنما هو انكفاف عن العبادة، والنية تليق بالإقدام لا بالتّرك.
وقال قائلون: لا بدّ من نية الخروج؛ فإن السّلام في وضعه مناقض للصّلاة؛ فإنه خطاب للآدميين، ولو جرى في أثناء الصلاة قصداً، لأبطلَ الصلاة، فإذا لم يقترن بالتسليم نية تصرفه إلى قصد التحلل، وقع مناقضاً مفسداً.
وسائر العبادات تنقسم، فأمّا الصّوم، فينقضي بانقضاء زمانٍ، والحجّ لا يقع التحلّل عنه بما هو من قبيل المفسدات.
ثم إن لم نشترط النية ولم نوجبها، فلا كلامَ. وإن أوجبنا، فنشترط اقترانها بالتسليم، فلو تقدمت عليه على جزم وبت، بطلت الصلاة؛ فإنّا قدمنا أن نية الخروج عن الصلاة تقطعها، ولو نوى قبل السّلام الخروجَ عند السلام، لم تنقطع الصلاة بهذا، ولكن لا يكفي هذا، فَلْيَأْتِ بالنية مع السلام.
ثم قال علماؤنا: لا يشترط في نية الخروج تعيين السلام، وإنما يشترط التعيين حالة العقد، فإن الغرض من هذه النية صرف السلام إلى قصد الخروج ولا يخرج المرء إلا عن الصلاة التي شرع فيها، فوقعت نية الخروج (١) بناء على ما تقدم، ونيةُ العقد ابتداء، فيجب تعيين المنوي.
٨٨١ - ومما يدور في النفس من هذا، أن المناقض للصّلاة قول المُسَلِّم: "عليكم"، فينبغي أن يقع الاعتناء بجمع النية مع هذه الكلمة، ويجوز أن يقال: " السلام " وإن لم يكن خطاباً، فإنه بنفسه لا يستقل مفيداً، والكلام الذي لا يفيد لو
(١) زيادة من: (ت ١)، (ت ٢).