الدار إلى يدي (١)، وكان ما قاله ممكناً، فالقول قوله، وإن قال: أنا وضعته قبل أن أكريتها، فقد سلَّم مرور الكنز بيد المستأجر وليس يدعي ابتداء الوضع بعد رجوع الدار إلى يده، فقد ذكر الشيخ الإمام في ذلك تردداً، وهو لعمري محتمل.
والظاهر عندي أن القول فيه قول المكتري، لما نبّه عليه في تصوير المسألة من أن (٢) تسليم المالك للمكتري حالةٌ تنسخ يد المالك في الكنز، ولو أنشأ المكتري الدعوى فيها، لقبلت دعواه، فإذا أسندها إلى تلك الحالة، قُبلت أيضاًً.
فرع:
٢١٩٥ - إذا وجد الإنسان ركازاً في ملك إنسان، وكان ذلك مستطرَقاً، يستوي الناس في استطراقه من غير منعٍ، فقد ذكر صاحب التقريب في ذلك خلافاً، وفي موضع الخلاف تأمل، وظاهر كلامه أنه أورده في حكمين: أحدهما - أنه إذا وَجَد من ليس مالكاً لتلك الساحة الركازَ، ولم يكن مالك الأرض محيياً على الابتداء، وكان لا يستبين لنا من الذي أحيا تلك الأرض ابتداء، فهل له أخذه؟ فعلى وجهين:
أحدهما - لا يأخذه؛ لأنه لم يصادفه في مكان مباح، لا اختصاصَ لأحد به، وقد ذكرنا في تصوير الركاز اشتراط ذلك.
والثاني - يحل له أخذه؛ فإن الملك، وإن كان مختصا بشخصٍ، فالاستطراق شائع (٣)، والمنع زائل، وليس مالك الأرض محيياً، حتى يثبت له الاختصاص، كما سبق.
والظاهر عندي أنه لا يصير واجد الركاز في الأرض المملوكة مالكاً له، وإنما الخلاف في حكم التنازع، فإذا قال الواجد: كنت وضعتُه، وقال المالك: بل أنا وضعته، والساحة مستطرقةٌ لا منع فيها، فالقول قول من؟ فعلى ما ذكرناه من الوجهين. أحدهما - القول قول المالك، لظاهر حقه، ويده في الأرض، وهذا هو الظاهر.
(١) ما بين المعقفين من الكلمات ذهب به البلل الذي أصاب الأصل.
(٢) زيادة من المحقق، اقتضاها السياق.
(٣) (ط): بالاستطرق تتابع.