تشهد له الآثار (١) والأقيسُ أنها لا تصح؛ فإن الحج عبادةٌ بدنية وإجراء النيابة في المفروض منه في حكم الضرورة المتبوعة بطريق الرخصة، والوصيةُ بالتطوع مستغنى عنها.
ثم ذكر طوائف من أئمتنا أنا إذا صححنا الوصية بالحج تطوعاً، فهل تقدم على سائر الوصايا، أم هي مساوية لها في المرتبة؟ فعلى قولين: أحدهما - أنها مقدَّمة. والثاني - أنها مساوية، وهذا ترددٌ وذكر اختلاف قول، لستُ أعرف وجهه؛ فإن الوصية بالحج ليست على مرتبة من التأكيد تقتضي تقديمَها، وكيف يُدّعى ذلك وفي (٢) أصل صحتها قولان: أحدهما -عدمُ (٣) الثبوت، والمشهورُ اختلاف القول في تقديم الوصية بالعتق على ما سواه من الوصايا، وذلك لسلطان العتق في نفوذه، كما سيأتي شرح ذلك في مسائل الوصايا بالعتق.
وذكر الشيخ أبو علي طريقة ناصة على الحقيقة تشفي الغليل، وعليها التعويل عندي: قال رضي الله عنه: الوصية بحج التطوع لا تقدم على غيرها من الوصايا إلا أن ينص الموصي على تقديمها، فتقدم حينئذ بحكم الإيصاء، كما سنصف ذلك أثناء الفصل، إن شاء الله عز وجل.
والحجة المنذورة في الصحة إذا قلنا: إنها محسوبة من الثلث، قال رضي الله عنه: هل تقدم على سائر الوصايا؟ فعلى قولين: أحدهما - لا تقدم؛ لأن محلها الثلث.
والثاني - أنها مقدمة لتأكد لزومها في حالة الصحة. وهذا في نهاية الحسن.
ثم قال رضي الله عنه: نُجري في الوصية بالحج والوصية لزيد وعمرو بشيءٍ الاختلافَ في أنه إذا ازدحم على المال (٤) المتضايق حق الله تعالى، وحق الآدميين، فالمقدم أيُّهما؟ وفيه أقوال ستأتي، إن شاء الله تعالى.
(١) في الأصل: الاختيار.
(٢) في الأصل: في صحتها (بدون واو).
(٣) في الأصل: أحدهما عن الثبوت ... وعبارة (س): قولان لبعدها من الثبوت.
(٤) في النسختين: "الحال" والمثبت من اختيارنا.