السفرة المبنية على قصد النقلة على وجهين، والأصح فيها: القطع بوجوب القضاء؛ فإنه لم يجر إقراع له حكمٌ في ابتداء الأمر، ولست أرى لنفي القضاء وجهاً، ولكنه مشهور.
فأما أيام الرجوع من المقصد الذي أجرى فيه قصدَ الإقامة لا قصدَ الاستيطان، ففيه وجهان: أصحهما - أنَّا لا نقضي؛ فإنَّ السفرة جائزة بسبب القرعة، وإذا اطَّرد الجواز؛ فلا يُستثنى من سقوط القضاء إلَاّ أيام التودع.
٨٦٦٤ - ومما يعترض في الباب أنَّ المسافر إذا قصد بقعة ولم يُزمع الإقامة في مدة، ولكن ربط أمره بانتجاز حاجة، فالقول في أنه هل يترخص إذا زادت إقامتُه على مدة المسافرين مذكور في الصلاة.
فإن أدمنا الرُّخَصَ، فالأيام غير مقضية، وإن أسقطناها وألحقناه بالمقيم؛ فالقول فيه كالقول في إبرام العزم على الإقامة أربعة أيام، فإن قيل: لا تودّع بمن يبرم عزمه على الرحيل بانتجاز حاجته (١)، قلنا: أُلحق هذا الشخص بالمتودّع بدليل (٢) سقوط الرخص.
٨٦٦٥ - ومما يجري ركناً في الباب أنه لو خرج بواحدة من غير قرعة، فإذا آب، قضى للمخلفات إجماعاً، وينضم إلى وجوب القضاء عصيانُه بالخروج بالتي اختارها؛ فإنه أظهر الميل إليها، فاقتضى ذلك تعصيتَه وإلزامَه بالقضاء، فلا نظر -مع ما ذكرناه- إلى مقاساتها المشقة.
٨٦٦٦ - ولم يختلف العلماء في أنه إذا أقام عند واحدة من نسائه في الحضر ليمرضها، فهذه الأيام مقضيةٌ للأخريات، فإن ماتت المريضة، خرجت من البين (٣)، ولم يظهر أثرُ وجوبِ القضاء في حق الباقيات، فالوجه أنْ نقدر كأنَّ التي
(١) زيادة اقتضاها السياق.
(٢) في الأصل: بالمتودّع به ليل سقوط الرخص.
(٣) البَيْن: هذه من ألفاظ إمام الحرمين التي رأيناها في البرهان وغيره، ثم ترددت هنا كثيراً، ومعناها واضح من السياق، وإن لم نجدها منصوصة في المعاجم بهذا المعنى.