يد الجاني بيد المجني عليه؛ فإن يد الجاني في وضع الشرع نصفُه، وليست اليد الشلاء نصفاً من صاحبها، فالرجوع إذاً إلى حكومة اليد الشلاء، ولا قصاص.
ولو رضي الجاني بأن تقطع يده السليمة باليد الشلاء، لم يرض الشرع بها، ولله تعالى حكمٌ في الدماء يعدُّه الفقيه حقّاً لله لازماً.
فإن قيل: لو قطع المجني عليه اليد السليمة، فهل تقولون: يقع القطع موقع القصاص، مع الانتساب إلى المعصية؟ قلنا: لا نقول ذلك أصلاً، فاليد السليمة في مقابلة الشلاء بمثابة المسلم في مقابل الذمي والحرّ في مقابلة العبد، ويمكن أن يقال: الشلاء في مقابلة الصحيحة كاليسار في مقابلة اليمين.
ولو كانت يد الجاني كاملة الأصابع، ويد المجني عليه ناقصة بإصبع، فلا تقطع اليد الكاملة باليد الناقصة، ولكن لو اتفق قطعها، وقع (١) القصاص في مقدار الاستواء موقعه.
فإن كان (٢) يدُ الجاني شلاء، ويد المجني عليه سليمة، فلو قنع باليد الشلاء، جاز، ويقع القصاص موقعه، اتفق الأصحاب عليه، وهذا يُبطل التشبيهَ باليمين واليسار، واليدَ السليمة مع الشلاء بالكامل بالإسلام والحرية مع الكافر والرقيق.
ثم إن كان لا يقع قتل المسلم قصاصاًً عن الكافر، فقتل الكافر يقع قصاصاًً عن المسلم، وكذلك القول في الحر والعبد.
ثم شرط الفقهاء في الاقتصاص من الشلاء ألا يُخاف من الشلاء نزفُ الدم؛ فقد قيل: لو قطعت الشلاء، استرخت العروق نضاحة بالدم إلى النزف ولا يتماسك، فإن صح ذلك، لم يَجْرِ الاقتصاص، وإن لم يصح ورضي المجني عليه، اقتصصنا، ثم لو أراد الرجوع إلى مزيد مالٍ، لم يكن له ذلك، إذا كان التفاوت يرجع في اليدين إلى المعنى، لا إلى نقصان الخلقة، وشبه الأصحاب بأجمعهم هذا بتعييب العبد في يد البائع، فليس للمشتري إذا جرى ذلك إلا ردُّ العبد واستردادُ الثمن أو (٣) الرضا بالعيب بجميع الثمن.
(١) في الأصل: "وقطع".
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) في الأصل: "أما".