بما يدل عليه «١». ومعنى التلاق: التقاء السماء والأرض. ومعنى التناد: قيل: تناديهم من قبورهم. وقيل: ينادي أصحاب الجنة أصحاب النار، وأصحاب الأعراف.
قوله تعالى: أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً «٢». يقرأ بالهاء في (منهم) ونصب (أشد) بعده إلّا ما قرأه (ابن عامر) بالكاف في موضع الهاء ورفع (أشدّ). وليس في نصب (أشد) خلاف بين الناس ورفع ذلك لحن. فالحجة لمن قرأه بالهاء: أنه أتى بالكلام على سياقه. ودليله قوله:
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ «٣». ونصب (أشد)، لأنه جعله الخبر (لكان) السابقة وجعل (هم) فاصلة عند البصريين وعمادا عند الكوفيين، ليفرّق بذلك بين الوصف لاسم (كان) وبين الخبر كقولك: كان زيد الظريف قائما في الوصف، وكان زيد هو الظريف في الخبر، ودليل ذلك قوله تعالى: إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ «٤».
فإن قيل: فإنّ الفاصلة لا تدخل على خبر كان إلا إذا كان معرفة فقل: إن (أفعل) متى وصل ب (من) كان معرفة. والحجة لمن قرأه بالرفع والكاف: أنه جعل (هم) اسما مبتدأ و (أشد) الخبر، فرفعهما وجعلهما جملة في موضع نصب بخبر (كان)، فأما الكاف: فحجته فيها أن العرب ترجع من الغيبة في الخطاب إلى الحضرة. ودليله قوله تعالى: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ «٥». وقد تقدّم من هذا ما يستدل به على معناه.
قوله تعالى: أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ «٦». يقرأ بأو، وبالواو، وبضم الياء وفتحها، وبنصب (الفساد) ورفعه. فالحجة لمن قرأ بأو: أنه جعل الحرف لأحد الحالين على طريق الشك أو الإباحة لأن ل (أو) في الكلام أربعة أوجه: الشك، والإباحة، والتخيير، وإيجاب أحد الشيئين منهما كقوله: وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ «٧». «٨»
والحجة لمن قرأ بالواو: أنه جعل الحرف للحالين معا فاختار الواو، لأنها جامعة بين الشيئين،
(١) انظر: ١٦٩، ٢١٨.
(٢) المؤمن: ٢١.
(٣) المؤمن: ٢١.
(٤) الأعراف: ١١٣.
(٥) يونس: ٢٢.
(٦) المؤمن: ٢٦.
(٧) الصافات: ١٤٧.
(٨) (أو): في هذه الآية على بابها دالة على أحد الشيئين: إمّا مائة ألف بمجرّدها، وإمّا مائة ألف مع زيادة، والمخبر في كل هذا لا يشك. (بدائع الفوائد ١: ١٩٨).