سورة الحديد
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}
{بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ} (١٢)
قرأ: «بين أيديهم وبإيمانهم» (١)، بكسر الهمزة-سهل بن شعيب النّهمىّ (٢).
قال أبو الفتح: قوله: «بإيمانهم» معطوف على قوله: «بين أيديهم».
فإن قلت: فإن قوله: «بين أيديهم» ظرف، وقوله: «بإيمانهم» ليس ظرفا. ألا ترى أنه ليس معناه يسعى فى أيمانهم؟ فكيف يجوز أن يعطف على الظرف ما ليس ظرفا، وقد علمت أن العطف بالواو نظير التثنية، والتثنية توجب تماثل الشئ؟.
قيل: الظرف الذى هو بين أيديهم معناه الحال، وهو متعلق بمحذوف، أى: يسعى كائنا بين أيديهم، وليس بين أيديهم متعلقا بنفس يسعى، كقولك: سعيت بين القوم، وسعيت فى حاجتى. وإذا كان الظرف هنا فى موضع الحال جاز أن يعطف عليه الباء وما جرّته، حتى كأنه قال: يسعى كائنا بين أيديهم، وكائنا بإيمانهم، أى: إنما حدث السعى كائنا بإيمانهم، كقول الله تعالى: {ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ،} أى: كائن بذلك. فعلى هذا التقدير يجب أن يكون قوله: «وبإيمانهم». فأما أن يعلق «بين» بنفس «يسعى» ويعطف عليه «بإيمانهم» فلا؛ لما تقدم.
***
{وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ} (١٤)
ومن ذلك قراءة سماك بن حرب (٣): «وغرّكم بالله الغرور»، بضم الغين (٤).
(١) وقراءة أبى حيوة، وسهل الساعدى. انظر: (مختصر شواذ القراءات ١٥٣، القرطبى ٢٤٣/ ١٧، البحر المحيط ٢٢١/ ٨ العكبرى ١٣٧/ ٢).
(٢) فى غيره من المراجع: السهمى، وفى المختصر: البهمى.
(٣) سماك بن حرب بن أوس بن خالد الذهلى البكرى، أبو المغيرة: من رجال الحديث، من أهل الكوفة. أدرك ثمانين صحابيا. وروى له مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجة، -