باب المقلوب
ومن المقلوب: أن يوصف الشيء بضدّ صفته للتطيّر والتفاؤل، كقولهم للّديغ:
سليم، تطيّرا من السّقم، وتفاؤلا بالسّلامة. وللعطشان: ناهل أي سينهل. يعنون:
يروى. وللفلاة: مفازة. أي منجاة، وهي مهلكة.
وللمبالغة في الوصف، كقولهم للشمس: جونة، لشدّة ضوئها. وللغراب: أعور، لحدّة بصره.
وللاستهزاء، كقولهم للحبشيّ: أبو البيضاء. وللأبيض: أبو الجون.
ومن هذا قول قوم شعيب: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ هود: ٨٧ .
كما تقول للرجل تستجهله: يا عاقل، وتستخفه: يا حليم.
قال الشاعر «١» :
فقلت لسيّدنا: يا حلي ... م إنّك لم تأس أسوا رفيقا
قال قتادة: ومن الاستهزاء قول الله تعالى: فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ (١٢) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ (١٣) الأنبياء: ١٢، ١٣ .
وفي قول عبيد بن الأبرص لكندة- طرف من هذا المعنى «٢» :
هلا سألت جموع كن ... دة يوم ولّوا: أين أينا؟
يستهزىء بهم حين انهزموا، يريد أين تذهبون؟ ارجعوا.
(١) يروى البيت بلفظ:
قلت لسيدنا يا حكي ... م إنّك لم تأس أسوا رفيقا
والبيت من المتقارب، وهو لشتيم بن خويلد في لسان العرب (خفق) ، وكتاب الحيوان ٣/ ٨٢، ٥/ ٥١٧، وبلا نسبة في كتاب الأضداد ص ٣٢٥، والصاحبي في فقه اللغة ص ٢١٤.
(٢) البيت من مجزوء الكامل، وهو في ديوان عبيد بن الأبرص ص ١٤٢، ومختارات ابن الشجري ٢/ ٣٩، والشعر والشعراء ١/ ٢٢٤، والأغاني ١٩/ ٨٥، وبلا نسبة في كتاب الصناعتين ص ١٤٤، وإعجاز القرآن ص ٩٤، ومعاني القرآن للفراء ١/ ١٧٧.