في الصحابة، وتبعهم ابن الأثير ومن بعده، وهو وهم لم يتنبه له أحد فيما علمت. وسأذكر كلامهم وأبيّن وجه الخطأ فيه، فقال البغويّ: أزهر بن قيس حدثني زياد بن أيوب، حدثنا مبشر بن إسماعيل، عن حريز، عن أبي الوليد أزهر بن قيس صاحب النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم أنه كان يتعوّذ في صلاته من فتنة المغرب (١) ، لا أعلم له غيره.
قال ابن شاهين: أزهر بن قيس أبو الوليد، حدثنا عبد اللَّه بن محمد البغوي، فذكره ولم يزد شيئا.
وقال ابن عبد البرّ: أزهر بن قيس روى عنه حريز بن عثمان، لم يرو عنه غيره فيما علمت- حديثه عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلم أنه كان يتعوّذ في صلاته من فتنة المغرب.
وأورده أبو موسى في الذيل، من طريق ابن شاهين لم يزد شيئا، ولما ذكره ابن الأثير اقتصر على ما أورده ابن عبد البر.
وقد تمّ الوهم عليهم فيه جميعا، وسببه أن الإسناد الّذي ساقه البغوي سقط منه والد أزهر، واسم الصّحابي وبقي اسم أبيه فتركيب هذه الترجمة من اسم أزهر ومن اسم والد أزهر، واسم الصّحابي، ولا وجود لذلك في الخارج، وتبع البغويّ ابن شاهين، وبقيّة من جاء بعده من غير تأمّل.
وإيضاح ذلك أن حريز بن عثمان إنما روى الحديث المذكور عن أزهر بن راشد، وقيل: ابن عبد اللَّه الهوزني، عن عصمة بن قيس، عن النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم، قال أبو زرعة الدمشقيّ:
حدثنا علي بن عيّاش، قال: حدثنا حريز بن عثمان، عن أبي الوليد أزهر الهوزني، عن عصمة بن قيس صاحب النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يتعوّذ باللَّه من فتنة المغرب.
ورواه ابن سعد عمن أخبره، عن أبي اليمان، عن حريز.
وكذا رواه البخاريّ في «تاريخه» عن أبي اليمان. ورواه ابن أبي عاصم والطبرانيّ وأبو نعيم من طريق إسماعيل بن عيّاش، عن حريز بن عثمان، عن أزهر بن عبد اللَّه، عن عصمة بن قيس.
(٦٤٣،) دائرة معارف الأعلمي ٤/ ٢٩٩، معجم رجال الحديث ٣/ ٢١. أسد الغابة ت (٧٨) الاستيعاب ت (١٩) .
(١) المغرب: بالفتح ضد الشرق وهي بلاد واسعة كبيرة قيل حدّها من مدينة مليانه وهي آخر حدود إفريقية إلى آخر جبال السوس التي وراءها البحر المحيط، تدخل فيه جزيرة الأندلس. انظر: مراصد الاطلاع ٣/ ١٢٩٣.