الكرة على ما بقى من الهشيم, فيفعلون به كذلك, ويخرجون منه غبارا أقل من الصنفين المذكورين.
ولأجل تنقية الغبار مما اختلط به من الرَّهْج والهباء يمسك رجلان بطرفي كل كيس, ويأخذان في مخضه كما يفعل بوطب اللبن عند إخراج الزبد - فيخرج الرَّهج من ثقوب نسيج الكيس رويدا رويدا ولا يخرج شيء من غبار الحشيش بسبب ما بقى فيه من آثار اللزوجة, بل يجتمع في الكيس, ويسمى هذا العمل عندهم بـ (السَّكِّ).
طبخ الغبار واستعماله: يطبخ الغبار بأن يضع العامل مقدارا منه, في طاس من نحاس, ويدنيها من نار لينة, إلى أن يدبّ فيه اللين وتزيد لزوجته, وهو يقلبه بأصبعه بعد غمسها في الماء أو في ماء الورد لئلا يلصق بها شيء منه, ولا يزال يفعل هذا حتى يصير في قوام العجين, ويستبين له نضجه, بعلامات يعرفونها, فيقلب ما في الطاس على رخامة وهو حار لم يجفّ, ويضغطه برخامة أخرى, أو خشبة - فيجعله قطعة واحدة منبسطة, ثم يأتي بسكين محماة, ويقسم تلك القطعة بها إلى قطع صغيرة مربعة, في قدر الظفر, ولكنّه لا يفصلها, بل يحزها حزا فقط من غير إبانة, وإنما يحمي السكين ليلين بها القطعة خشية من تفتتها عند الحزّ, لأنها تكون آخذة في الجفاف, ثم يرفعها لوقت الحاجة. فإذا أراد البيع كسر منها من مواضع الحزّ بمقدار المطلوب - وتسمى كلّ قطعة من تلك المربعات بالتعميرة, ويختلف الثمن باختلاف أنواع الغبار الثلاثة المتقدم شرحها.
أما استعمال ما تهيأ من تلك التعامير فبالتدخين, إمّا في اللفافات أو في القِصاب راجع (سجارة, وجوزة): بأن توضع القطعة بعد أن تفتت بين دخان اللفافة قبل لفّها, أو تكسر وتوضع في حجر القصبة فوق دخان مخصوص خشن الفرم يسمى