ج- الفتنة الطائفية تعبير الرئيس الراحل أنور السادات من خياله فليس في الواقع أى توتر طائفي بين المسلمين والأقباط وأتذكر أن الشيخ حسن البنا ذهب ذات مرة إلي الصعيد وألقى سلسلة محاضرات وبعد أن عاد إلي القاهرة علمنا أن عددا من القساوسة في محافظة قنا رفعوا مذكرة إلي رئيس الوزراء يطلبون فيها تطبيق الشريعة الإسلامية لأن محاضرات الشيخ البنا أوضحت لهم الحقوق الكاملة التي يتحصل عليها القبطي في مجتمع إسلامى, ومن هنا اقول أنه لا توجد فتنة طائفية ونحن أحرص الناس علي حقوق المواطن القبطى في مصر.
الأقباط والشيوعيون
س- نفترض جدا أن الأقباط طالبوا بحزب فما هو رأيكم؟
ج- نحن نؤيد ذلك هنا ثلاثة عشر حزبا في مصر فما المانع ان يكون هناك همسة عشر أو حتى عشرون حزبا, وأن نعطى الرأى العام فرصة اختيار الحزب الذي يميل إليه أليست هذه هى الديمقراطية التي تتحدث عنها الحكومة؟
في حديث إلي جريدة الحياة:
العلاقة بين (الإخوان) والأقباط طيبة جدا منذ أيام البنا, وكانت هناك لجنة سياسية في عهد المرشد الأول ممثل فيها أقباط ولم تحدث طوال تاريخ الجماعة خلافات بيننا وبينهم, والمصريون ما زالوا يذكرون دور (الإخوان) في احتواء الفتنة الطائفية التي تفجرت في حى الزواية الحمراء قبل مقتل السادات... (الحياة ٢٤ يناير ١٩٩٦) .
وفي حديث آخر
س: هل معنى ذلم أن الحكومة لو وافقت للجماعة علي إنشاء حزب فإنه سينضم في تنظيمه أقباط؟
جـ: إذا كان هناك أقباط يوافقون علي برنامج الإخوان الإسلامى ويتقبلون مبدأ الإسلام هو الحل فلم لا نقبلهم معنا؟ (الشرق الأوسط ١٦/٧/٩٦)
كلام حّرف عن موقف الإخوان من الأقباط
ولقد نشرت الصحف كلاما نسب إلي المرشد الحالي للإخوان الأستاذ مصطفي مشهور حول الأقباط والجزية أنكره هو وقال: أنه حرف وهذا يكفينا منه وهو المتفق مع تراث الجماعة ومواقف مؤسسها وتصريحاته وكتابات علمائها لمدة سبعين عاما وخصوصا ما كتبه المرشد الثانى الأستاذ حسن الهضيبي رحمه الله.
موقفنا من الأقليات
هذا وقد عرضنا لموقف الإسلام من الأقليات في أكثر من كتاب منها (غير المسلمين في المجتمع الإسلامي) ورسالة (الأقليات الدينية والحل الإسلامى) وكتاب (أولويات الحركة الإسلامية) وبعض الفتاوى والبحوث في كتابنا (فتاوى معاصرة) الجزء الثانى وكتابنا (من فقه الدولة في الإسلام) كما ينا ذلك في محاضرات شتى في أكثر من بلد.
وأعتقد أن اجتهادنا في هذه القضية الكبيرة قد استبانت معالمه واتضحت صورته في ضوء الأدلة الشرعية ولقى القبول من جمهرة الإخوان.
كيف تحل مشكلة الأقليات الدينية؟
ويمكن أن أقتبس بعض ما كتبته هنا لإيضاح موقف الاجتهاد الإسلامي المعاصر من هذه القضية الخطيرة التي يشتعلها أعداء الأمى بين الحين والحين لأغراض في أنفسهم لإثارة الفتنة الطائفية مضطهدون دينيا في مصر وهو زعم لا أساس له ويتخلص موقفنا فيما يلي:
١-لا وجه لدعوى بعض الناس وجلهم من العلمانين الذين لا يوالون الإسلام ولا المسيحية: أن الاتجاه إلي الحل الإسلامي والشرع الإسلامى ينافي مبدأ الحرية لغير المسلمين وهو مبدأ مقرر دوليا إسلاميا , فقد نسوا أو تناسوا أمرا أهم وأخطر وهو أن الإعراض عن الشرع الإسلامى والحل الإسلامى من أجل غير المسلمين – وهم أقلية – ينافي مبدأ الحرية للمسلمين في العمل بما يوجبه عليهم دينهم وهم أكثرية. وإذا تعارض حق الأقلية وحث الأكثرية فأيهما نقدم؟
إن منطق الديمقراطية – التي يؤمنون بها ويدعون إليها – أن تقدم حق الأكثرية علي حق الأقلية. هذا هو السائد في كل أقطار الدنيا, فليس هناك نظام يرضى عنه كل الناس, فالناس خلقوا متفاوتين مختلفين وإنما بحسب نظام ما أن ينال قبول الأكثرية ورضاهم بشرط ألا يحيف علي الأقلين, ويظلمهم ويعتدى علي حرماتهم وليس علي المسيحيين ولا غيرهم بأس ولا حرج أن يتنازلوا عن حقهم لمواطنيهم المسلمين ليحكموا أنفسهم يدينهم وينفذوا شريعة ربهم حتى يرضى الله عنهم.
ولو لم تفعل الأقلية ذلك وتمسكت بأن تنبذ الأكثرية ما تعتقده دينا يعاقب الله علي تركه بالنار , لكان معنى هذا أن تفرض الأقلية ديكتاتورية علي الأكثرية وأن يتحكم مثلا ثلاثة ملايين أو أقل في أربعين مليونا أو أكثر وهذا مالا يقبله منطق دينى ولا علمانى.
٢-وهذا علي تسليمنا بأن هنا تعارضا بين حق الأكثرية المسلمة وحق الأقلية غير المسلمة.
والواقع أنه لا تعارض بينهما فالمسيحى الذي يقبل أن يحكم حكما علمانيا لا دينيا , ولا يضيره أن يحكم حكما إسلاميا. بل المسيحى الذي يفهم دينه ويحرص عليه حقيقة ينبغي أن يرحب بحكم الإسلام, لأ، هـ حكم يقوم علي الإيمان بالله ورسالات السماء والجزاء في الآخرة كما تقوم علي تثبيت القيم الإيمانية والمثل الأخلاقية التي دعا إليها الأنبياء جميعا, ثم هو يحترم المسيح وأمه والإنجيل وينظر إلي أهل الكتاب نظرة خاصة فكيف يكون هذا الحكم – بطابعه الربانى الأخلاقى الإنسانى – مصدر خوف وإزعاج لصاحب دين يؤمن بالله ورسله واليوم الآخر؟ علي حين لا يزعجه حكم دينى علمانى يحتقر الأديان جميعا ولا يسمح بوجودها – إن سيح – إلا في ركن ضيق من أركان الحياة؟!
من الخير للمسيحى المخلص أن يقبل حكم الإسلام , ونظامه للحياة, فأخذه علي أنه نظام وقانون ككل القوانين والأنظمة, ويأخذه المسلم علي أنه دين يرضى به ربه ويتقرب به إليه.
ومن الخير للمسيحى – كما قال الأستاذ حسن الهضيبي رحمه الله يأخذه المسلمون علي أنه دين لأن هذه الفكرة تعصمهم من الزلل في تنفيذه وعين الله الساهرة ترقبهم, لا رهبة الحاكم التي يمكن التخلص منها في كثير من الأحيان.
ومن هنا رحب العقلاء الواسعو الأفق من المسيحيين بالنظام الإسلامى بوصفه السد المنيع في وجه الملاحدة التي تهدد الديانات كلها علي يد الشيوعية العالمية , كما نقلنا ذلك من كلام العلامة فارس الخورى.
وأود أن أصحح هنا خطأ يقع فيه كثيرون وهو الظن بأن القوانين الوضعية المستوردة من الغرب المسيحى قوانين لها رحم موصوله بالمسيحية فهذا خطأ مؤكد والدارسون لأصول القوانين ومصادرها التاريخية يعرفون ذلك جيدا بل الثابت بلا مراء أن الفقه لأصوله الدينية من ناحية ولتأثره بالبيئة المحيطة التي هم جزء منها.